ميلود بركي استاذ العلوم السياسية.
تخترق بيوتنا هاته الايام وبدون سابق انذار مواضيع من التفاهة بمكان تناقش مواضيع رديئة جدا في غياب تام لرقابة الدولة التي من المفروض أن تسهر على جل ما يروج في وسائل الاتصال والتواصل حتى لا يتأثر أبناؤنا وبناتنا بهذه المواضيع التي اتخدت من الإثارة والتشويق عنوانا لها حتى تحور النقاش وتقزمه، وعوض الانكباب على المواضيع الحساسة وذات الشأن الى مناقشة مواضيع تافهة من اجل الهاء الشعب وتخديره ولعمري هذا نوع من الاستلاب الذي فرض علينا فرضا من اجل تقزيمنا وافراغنا من محتوانا. وهاته الاستراتيجية محبوكة باتقان وعلى المدى البعيد من اجل التلاعب بعقولنا في أفق السيطرة علينا،وهذا الاسلوب الممنهج الذي تسلكه الدولة أسلوب استباقي من اجل القضاء كليا على كل ما هو ثقافي او علمي واكاديمي وقد لاحظنا في السنوات الأخيرة التهميش الذي طال المدرسة العمومية والجامعة على الخصوص التي لم تعد بذلك البريق الذي عهدناه في السابق،وهذه الأزمة الثقافية إن صح التعبير خلقت نوعا من الشرخ داخل المجتمع المغربي حيث لدينا فئة قليلة جدا من نخبة المجتمع احتكر الثروة والسلطة في حين هناك غالبية الشعب يكتوي بالفقر وغلاء الاسعار والمعيش اليومي وبالتالي لا فرصة لديه لتحقيق مطالب اخرى.
وبالرغم من أن الدستور المغربي ينادي بكون الحق في التعليم والصحة والشغل كحق دستوري الا ان الاجرأة تبقى غير محققة لأن المسؤول السياسي وضع شروطا مجحفة تحول دون التنزيل الصحيح والسليم للدستور وبالتالي اصبحنا امام قوانين وتشريعات جد متقدمة الا أن التنزيل تشويه معوقات تقنية وواقعية وهذا التناقض الصارخ بين التنظير والممارسة له انعكاس سلبي على مستوى طبقات المجتمع التي لم تعد تثق في مؤسساتها حتى غذت الاحتجاجات ذلك المتنفس الذي من خلاله يعبر الشارع العام عن مدى غضبه من طبقته السياسية التي أصبحت تغرد خارج السرب.
لكن وبالرغم من هذه الاحتجاجات التي أصبحت بشكل يومي تقريبا الا ان النخبة السياسية لم تستجب بشكل كامل لنبض الشارع وتلبية المطالب الملحة الا في بعض الاحيان وخصوصا اذا جاءت المبادرة من طرف رئيس الدولة شخصيا،حتى أن الاحزاب السياسية لم تعد ذلك التنظيم الذي يتفنن في اتقان دوره ولهذا لاحظنا عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية وهذا مؤشر يدل على حجم الأزمة التي تقع فيها الاحزاب السياسية المغربية ويجب أن تتدارك الموقف قبل فوات الأوان لأن المغرب قوي باحزابه ومؤسساته الدستورية ومجتمعه المدني من أجل التصدي لكافة المناورات التي تمس امننا الوطني ومهما اختلفنا مع طبقتنا السياسية تبقى مصلحة بلدنا ويبقى امننا الوطني فوق أي اعتبار ،وبالتالي يجب على الطبقة السياسية أن تفكر قليلا في مصلحة الوطن ومصلحة الشعب المغربي بدل التفكير في مصالحها الضيقة من مراكمة الثروات او تهريبها الى الخارج نقول هذا بعيدا عن المزايدات السياسية وبعيدا عن الحزبية فكلنا ابناء الوطن الواحد.
مناقشة هذا المقال