من المسلمات البديهية أن المؤسسة الملكية لا يمكن ان تصطف الى جانب قوى التغيير ، وقوى التغيير لن تغير أي نظام إلا بالانقلاب أو البناء الدمقراطي ، وجل أحزابنا التقدمية أو اليسارية قطعت من حيث المبدأ مع الفكر الانقلابي ولكن أغلبية هذا الجل لم تحسم مع المغامرة السياسية و الانتظارية المترددة ، وبالتالي علينا الوعي التام بمحدودية الرهانات ، مما يستبع ذلك من الإقرار ، بنسبية عالية ، بحظوظ انجاز مهام التغيير ، ما دمنا لم نحقق شراكة تحيينات في سبل التفكير ومناهج التحليل ، في ظل وقائع تتحول بسرعة دون ان تتغير آلياتها ذاتيا وموضوعيا ، من هنا فإن أي انتقاد ممكن لأي تجربة لن يخرج عن سؤال وامكانية القطع مع الماضي ، والحال أننا لم نتحرر من خيارات التسويات المؤسسة في عمقها على قانون التوافق بناء على سياق ميزان القوة ، مما يجعلنا نميل أكثر الى سلوك خيار اعتماد التواصل التاريخي انطلاقا من كون حركة التحرر الوطني لم يسعفها الزمن السياسي وقوانينه الإذعانية على تحقيق الاستقلال التام ، وهذا ما فرض علينا بصفة اضطرارية ومستمرة القبول ” إذعانا ” بالتراضي الضمني حول معادلة تأجيل اللحظة الدمقراطية في سبيل مواجهة اكراهات اللحظة الوطنية ( مطالب التحرر من التبعية ) في حين لا يعقل ان نظل رهائن وصاية او حماية الخارج ، تكرسان ليس فقط التبعية الاقتصادية ، بل هناك مساس فادح بالسيادة المالية وهي التي توجه وتقيد السيادة الوطنية في العلاقة مع صناعة ألقرار السياسي والتشريعي والأمني حتى . لذلك فأي تعاقد جديد ينبغي أن يستحضر تغييب البعد الاجتماعي في الهويات الحزبية قد أثر على مردودية استراتيجية النضال الدمقراطي ، مما يستتوجب الحذر من مغبة الوقوع تحت ضغط واكراهات الزمن الانتخابي كلحظة لا يقين منفلتة ، قد تكرر الانقلاب الحاصل على المشروع الدمقراطي الحداثي ، والذي لم يعد يذكر حتى من باب حفظ ذاكرة ما يسمى بالعهد الجديد .
مناقشة هذا المقال