المغرب على مر العصور منذ أيام جدنا إغود أقدم إنسان عاقل على وجه الكرة الأرضية، وبلدنا يتعرض للغزوات والاستعمارات والغارات الأجنبية، لسبب وحيد هو وفرة الخيرات، والثروات والموارد المتعددة، أنهار، تمار، أشجار، فواكه، خضر، غابات حقول…لذلك فالامازيغ عرفوا بفلاحة الحقول منذ القدم، فانقسموا إلى ثلاث، مزراعون، رعاة، وتجار. ومن النعم الذي حبانا بها الله هي الخبز، والمغاربة يقدسون الخبز كثيرا، ليس لأنه يقضي على الجوع، لا، بل لأنه يصنع من الزرع. الحَب الذي يحرث، وبحصد ثم يدرس، ثم يحطن ثم يعجن….لذلك الانسان المغربي القديم يعلم جيدا هذه المراحل ويعرف بحقها. لذلك يقدس الخبز، ويعتبره المغاربة اليوم رمزا للوظيفة والعمل والشغل.
المغاربة هم الشعب الوحيد في العالم، الذين يقومون بتقبيل أجزاء الخبز إذا عثروا عليها مرمية على الطريق، ويقومون بازالتها حتى لا تطأ عليها الأقدام، فيعتبر ذلك عيب وحرام وفعل مشين، لأن الخبز نعمة، وقد كتب أحد الفرنسيين هذه الملاحظة باستغراب كبير اثناء ايام الحماية الأولى بالمغرب، حين شاهد مغربي في البادية المغربية يقبل قطعة يابسة من الخبز وجدها على الطريق، ثم وضعها جانبا. هذه بعض العادات اللصيقة في الذهنية المغربية، وتذكرنا بعصور غابرة حين يقل الخبز والدقيق في أزمة من الأزمات التي اجتازها المغرب والمغاربة، بسبب المجاعة او الحروب أو الوباء…
وفي أثناء هذه الجائحة التي تغزو العالم وبلدنا ايضا، طفت إلى السطح أشكال التضامن القديمة التي كانت سائدة، كتيوزي وغيرها، في تقديم المساندة للغير واطعام السبيل، ومساعدة المحتاجين …وهذا النموذج الذي يقدم الخبز مجانا في بلدة ايت أورير عاصمة أكبر قبيلة امازيغي في ضواحي مراكش، وهي قبيلة إمسيوان.
فتحية عالية لكل الذين يشعرون بأن المصير مشترك.
عبدالله بوشطارت.
مناقشة هذا المقال