قد نتلاعب بالوهم، وقد نغوص في الاكاذيب، حين نعتقد أننا قادرين على فهم، “شخصية” الإنسان السوسي، علميا لم نستطع الى حد الآن التمكن من أسلحة المعرفة والعلم الحديث ومناهجه المتطورة. كعلم النفس التاريخي الكلينيكي الذي اجتهد فيه كثيرا المؤرخ المرحوم محمد أركون في جل أعماله التنظيرية التي فكك بها بعض اسرار التراث الاسلامي، فكرا وممارسة.
ورغم كل هذا؛ فإن شخصية الإنسان السوسي، تبدو جد معقدة، وغامضة…احيانا يظهر الإنسان السوسي يجنح نحو الحرية والتمرد عن الظلم والدفاع عن حقوقه ولا يقبل انصاف الحلول، ولا يتنازل عن كرامته، وفي أحايين كثيرة، يظهر خنوعا خضوعا مستسلما أمام السلطوية، والهيمنة ويقبل الاستغلال والسخرة…كما تفشت مظاهر الزبونية والمحسوبية والوصولية داخل المجتمع السوسي…
حين نعيش في البيضاء والرباط وسلا وطنجة…نشعر بالفخر والاعتزاز ونحن نسمع كلمة السوسي، أغراس أغراس، والمعقول، ونشاهد هذه القيم الدفينة حية في تعامل التجار والبقالة الذين يعطون أجمل صورة وأطيب الأخلاق، الثقة، الحيوية، الجدية، العمل…لكن في المقابل حين تتجول داخل مداشر سوس، تسمع عن كل تجليات النفاق وسوء المعاملة، والصراعات الفارغة، والاحقاد وغيرها من التصرفات المشينة، واطلاع سريع على الملفات داخل المحاكم بسوس، كافي لمعرفة العدد الهائل من الشكايات والصراعات على الارض وعلى اشياء اخرى كان من الاجدر تفاديها….
كما نسمع كثيرا عن شعار سوس العالمة، وصحيح أن سوس تعج بعلماء عظماء، وأجلاء في مختلف الميادين، لكن للاسف هي علوم أصبحت اليوم غير مفيدة وغير مسايرة للعلم الحديث وللتكنولوجيا، دون نسيان أن سوس العالمة، وصلت فيها الأمية مستويات مخيفة جدا…فمهما تكلمنا عن جنوح السوسي للعلم والمعرفة فإن بلاد سوس تعيش في تخلف وجهل وبداوة….
أما ما يقال عن سوس بكونه بلد الأغنياء والبرجوازية والوزراء، فإن الواقع يعرفه الجميع، فالبوادي والجبال التي ينتمي إليها جل هؤلاء الأغنياء تعاني من فقر وجوع وعطش وتهميش…..لا يوجد مثله في مناطق أخرى….
دون أن ننسى أن سوس، أنجبت عددا مهما من المنظرين والمفكرين الامازيغ، وبالرغم من الزخم النضالي الذي يعيشه سوس في الدفاع عن حقوق الامازيغ، وكثرة الشعراء والكتاب والمبدعين بالامازيغية، إلا أن أبناء سوس خاصة في المدن هم اكثر المغاربة تفريطا في لغتهم وثقافتهم، وسوس اليوم يتعرض لموجة حارة جدا من التعريب قد تعصف بحضارة عمرت لقرون…..
إن أكثر المقولات شائعة ورواجا اليوم في سوس، هي أن أبناء سوس يستحيل أن يتعاونوا ويتحدوا ويجتمعوا على شيء ما ، كيف ما كان. اصبح الجميع يشكك في الجميع، والجميع يحفر للجميع….
والجميع ….يسير إلى الهاوية .
مناقشة هذا المقال