ميلود بركي مهتم بالعلوم السياسية
عرف المغرب على إمتداد سنوات مدا وجزرا على مستوى الانتقال الديمقراطي وتحقيق الحريات العامة وحقوق الانسان في صفوف مواطنيه، فبعد سنوات الجمر والرصاص التي دامت لسنوات والتي كانت قاتمة وكان ضحيتها العديد من المناضلين والحقوقيين اليساريين على الخصوص والذين عرفوا باستماتهم في الدفاع عن ارائهم ومواجهتهم للنظام السياسي انذاك ، وتعرضوا لشتى انواع التنكيل والقمع بسبب مواقفهم وافكارهم كالمهدي بن بركة والفقيه البصري وعمر بن جلون وابراهام السرفاتي وعبد الرحمان اليوسفي والقائمة طويلة، هؤلاء السياسيين ناضلوا من أجل تحرير البلد من السلطوية التي عرف بها النظام السياسي في بداية الستينات و السبعينات بحيث كان التضييق على الحريات وكانت الرقابة ممارسة بشدة على حرية الرأي والتعبير سواء في الصحافة والإعلام أو في المنتديات واللقاءات الفكرية والعلمية ،وقد عرف المغرب في عهد المغفور له الحسن الثاني معارضة قوية وهذا الأمر كان يزعج الرجل القوي آنذاك الراحل ادريس البصري الذي كانت له يد سوداء في العديد من الملفات بحيث مارس القمع على العديد من المعارضين وكان بحق العلبة السوداء للراحل الحسن وقد عاش المغرب نوع من انسداد الافق ولم يعرف انفراجا الا في نهاية التسعينات بعد ان جلس المغفور له الملك الحسن الثاني مع قادة المعارضة للحوار ولانقاد المغرب من السكتة القلبية الوشيكة بحيث تشكلت حكومة التناوب التوافقي سنة 1998 وتم العفو على المعتقلين السياسيين وتم جبر الضرر عبر هيأة الانصاف والمصالحة التي ترأسها المرحوم بنزكري والتي انكبت على حلحلة العديد من الملفات الثقيلة انذاك ،وفعلا استطاع المغرب بفضل تبصر وحكمة الملك الراحل الحسن الثاني أن ينقد المغرب من أزمة داخلية خانقة وتم بشكل سلس أن ينتقل الملك الى الملك الشاب محمد السادس الذي كانت له مسؤولية كبرى في الانكباب على مختلف الملفات العالقة والمشاريع الاستراتيجية الكبرى التي كانت تنتظر الوقت المناسب للخروج الى الوجود وتم بالتالي إعطاء نفس جديد واسلوب جديد في الحكم قوامه حرية الرأي والتعبير والمساواة في الحقوق والحريات بين الرجل والمرأة وربط المسؤولية بالمحاسبة الى غيرها من الانجازات التي تحققت بالفعل واعطت لبلادنا نفس جديد ودفعة قوية نحو الديمقراطية المنشودة، لكن رغم هذه المكتسبات الا اننا اصبحنا نلاحظ من حين لاخر ارتدادات على مستوى الحقوق والحريات كاعتقال بعض الصحافيين والتضييق على اخرين ومسألة قمع الأساتذة المتعاقدين وهذا الأسلوب في التعامل مع بعض الملفات ومع بعض الشرائح المجتمعية التي نصادر حقها في الاحتجاج المكفول دستوريا هو عمل غير مبرر ويعطي صورة قاتمة على بلادنا في الداخل والخارج وبالتالي يجب على الدولة أن تنهج اسلوب الحوار ولا شيء غير الحوار أما القمع والتعنيف فهو اسلوب متجاوز ولا يوصل الى حل خصوصا ان الاعداء يتربصون بنا الدوائر من كل جانب.
على الدولة أن تعيد النظر في كثير من الأخطاء القاتلة التي يمكن أن تجهز على كافة المكتسبات التي حققناها لسنوات خلت، فلا يمكن نجهز على مكتسباتنا التي راكمناها لسنوات عبر اسلوب عفا عليه الزمن وفي نهاية المطاف لن يوصل الى نتيجة .
مناقشة هذا المقال