إذا صحت استطلاعات الرأي في تونس ، فإن الذين انتصروا في الانتخابات الرآسية هم ثلاثة 1- تيار العزوف 2- تيار الإسلام المتشدد 3- تيار الفساد . انتصار التيارين وبقائهما في الدور الثاني له أسباب عديدة ، لكن إذا بقينا في حدود العملية الانتخابية فقط فإن الفضل في ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى “فهامية” تيار العزوف الذي يرى ان كل المرشحين سواء لا فرق بين هذا وذاك . ولا يجب ان ننسى هنا وجها آخر من مأساة التيار التقدمي وهو الخطأ الكبير الذي اقترفته النقابة التونسية بموقفها الطوباوي الذي فضلت بموجبه العمل على انتصار ” الديمقراطية” بغض النظر عمن ينتصر وجندت كامل قوتها للمراقبة والمتابعة وتركت الساحة فارغة تماما في الوقت الذي كان معولا عليها ان تكون هي ضامنة التلاحم بين اليسار وبين الشغيلة . ومن دواعي الدراما في هذه الانتخابات ألا يفوز ولا واحد ممن نفخ في نبيل القروي منذ عدة سنوات وترك له الحبل على الغارب لكي يفوز في الدور الثاني على اعتبار ان ملفاته تجعله من المستحيل ان يكون رئيسا للجمهورية وإذا بالشخص الذي سيواجهه هو ممثل الاتجاه الإسلامي المتشدد الذي انقلب على مرشح النهضة الذي يرى فيه الإسلام المتشدد شخصية مرنة وبالغة الاعتدال . لا أحد كان يتصور ان يجد التونسيون والتونسيات أنفسهم أمام الاختيار بين الإسلام المتشدد الذي يمكن أن يقلب صورة تونس رأسا على عقب اذا ما فاز وهو الأول في الاستطلاع على كل حال ، وبين الفساد الذي له له هو الآخر أذرعه الداخلية والخارجية.على من يجب ان يصوت التونسي الذي يحمل هم النضال اليومي مستقبلا في تونس ؟ على المنظرالاسلامي المتشدد الذي تقف وراءه قوة إسلامية منظمة ولها اجندتها السياسية والثقافية ولايديولوجية أم على الفاسد الاقتصادي المرتبط بالرأسمال المتوحش وشركات الربح السريع ؟ من يستطيع ان يفك هذه الفذلكة الغبية التي أنتجها العقل البليد ؟
مناقشة هذا المقال