رغم أن النقاش حول الجهوية قد بدأ بالمغرب منذ مدة وازداد الحديث عنه منذ دستور 2011 وظهور مفهوم “الجهوية الموسعة” الا أن المتتبع يلاحظ بطء كبير في تفعيل مقتضيات هذه الجهوية مع ما يعنيه ذلك من اعطاء الجهات صلاحيات واسعة في التقرير والتدبير والتسيير بعيدا عن املاءات المركز. وبعد المناظرة الوطنية حول الجهوية الموسعة المنظمة مؤخرا بأكادير يبدوا أن الاجراءات الاحترازية المضادة لتفشي وباء كورونا ثم قرار بدأ رفع الحجر الصحي تدريحيا حسب الجهات مع الابقاء على حالة الطوارئ قد أعاد من جديد نقاش الجهوية الى الواجهة. فاعطاء الولاة صلاحية اتخاد القرار جهويا حسب ما يقتضيه تطور الحالة الوبائية في كل جهة دليل، ولو مرحليا، على أهمية تطوير هذا النهج مع النقل التدريجي للعديد من الصلاحيات لرئيس الجهة، لكي تمارس الجهوية الحقيقية كما هي متعارف عليها دوليا. كما أن من شأن هذا الاجراء المرحلي ذو البعد الجهوي في تدبير مرحلة رفع الحجر الصحي أن تخلق نوعا من المنافسة بين الجهات سعيا للخروج من الحجر, وهذا التنافس نفسه هو المطلوب بين الجهات على مستوى حسن التدبير والحكامة في التسيير والنجاعة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فهل سيكون سياق تذبير أزمة كورونا فرصة للاقتناع الجدي بنجاعة الجهوية الحقيقية والسير بسرعة أكبر لتطبيقها، وبذلك يتحقق فعلا التمييز بين “ما قبل” و “ما بعد” كورونا.
مناقشة هذا المقال