إن اللبس الذي يلازم كثير من العقول حول أهداف ومرامي إرسال بني أمية لجيوشهم لغزو شمال إفريقيا واعتبار تلك الجيوش “فاتحة” وحاملة لرسالة الإسلام …لن يزول إلا بإيضاح مدى توافق تصرفات “خلفاء” بني أمية وقادتهم مع صحيح الدين ومدى التزامهم به..وبتفكيك ..تلك الأساطير التي نسجت حولهم ..ستظهر الصورة الحقيقية لدولة بني أمية …والتي عرفها معاصروها من المغاربة و باقي الشعب وأدركوا أن أولئك “الخلفاء” هم طلاب دنيا وليسوا أهل دين..
.البورغواطيين … فهموا وأدركوا وتيقنوا أن الأمويين ليسوا أصحاب دين وإنما تحركهم أطماع ومصالح دنيوية…..لذلك نافسوهم وقاموا باصطناع دين من خليط من اليهودية والمسيحية والإسلام ……فلو كان الأمويون يجسدون صحيح الإسلام وعدله وسماحته ما احتاج البورغواطيون لإنشاء دين يخصهم …
فالدارس لسياسة ولاة بني أمية سيصدم من تصرفاتهم البعيدة كل البعد عن أوامر الإسلام…ولذلك كان بنو أمية يختارون ولاتهم بعناية فائقة …ومن بين ابرز نماذج الولاة عبد الله بن أبي سرح…الذي أمر الرسول بقتله ولو وجدوه يتعلق بأستار الكعبة…لأنه كان يكتب القران وكان الرسول يمليه عليه….ثم هرب إلى مكة وعاد إلى الشرك وكان يقول “ما يدري محمد إلا ما كتبت له ” وكان الرسول مصرا على قتله …لكن عثمان بن عفان ادخله على الرسول.(.بعد فتح مكة) لأنه كان أخوه في الرضاعة وطالبا له الشفاعة …ولم يكن الرسول راضيا على شفاعة عثمان حتى انه قال (بعد ذهاب عثمان وأخيه بن أبي سرح) للحاضرين معه من الصحابة إما كان فيكم رجل يقوم ويضرب عنقه….ومن النماذج أيضا الوالي الدموي عقبة بن نافع ….الذي قطع أنوف وآذان بعض ساكنة ليبيا لأنهم قاوموه ..فلما استسلموا ..وقبلوا الدخول في الإسلام أصر على جذع أنوفهم وقطع آذانهم …عقوبة لهم …إذا كان الإسلام يمنع من قطع شجرة …فمن أي دين يستمد عقبة قوانينه وشرائعه هذه….ناهيك عن تصرفات “خلفاء” بني أمية المشينة كصلاة احد هؤلاء “الخلفاء” بالناس الصبح وهو سكران وقال لهم ان شئتم زدناكم ..يعني ركعات أخرى علما أن الصبح ركعتان …وذاك الآخر الذي جعل القران غرضا يرميه بالسهام ومزقه وقال شعرا …ومن ضمنه
إذا ما جئت ربك يم حشر*** فقل مزقني الوليد
وقد أورد السيوطي في كتابه “تاريخ الخلفاء”كثير من هذه السلوكيات المنافية للإسلام ….
إن دولة بني أمية ما هي إلا تجسيد “للدولة العميقة لقريش بمكة” والتي حاربت الإسلام لعقدين من الزمن إنها بمفهوم العصر “الثورة المضادة”….فمؤسسها معاوية ليس لا من المهاجرين وليس من الأنصار إنما هو من “الطلقاء”.أي من فلول النظام السابق بمفهوم اليوم..و.الذين استسلموا بعد أن هزموا…..ولعل ..شعر يزيد بن معاوية حين استباح مدينة الرسول لجنده يقتلون ويغتصبون ويسرقون …يعطينا الدليل على كل ما سبق ذكره…..
ليت أشياخي ببدر شهدوا ….. جزع الخزرج من وقع الاسل
لأهلوا واستهلوا فرحا ……………… ثم قالوا يا يزيد لا تشل
قد قتلنا الفرم من ساداتهم ………. وعدلنا ميل بدر فاعتدل
لست من عتبة ان لم انتقم …… من بني أحمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالملك فلا ……………… خبر جاء ولا وحي نزل
هذه الأبيات تقطر شماتة وتشفيا في أهل بدر وأبنائهم وانتقاما لكفار قريش .وتعكس شك واضح في رسالة رسول الإسلام….ولا يزال أنصار بنو أمية بيننا إلى اليوم وأبرزهم التيار (السلفي) الوهابي.(ويتامى القومية الناصرية والبعثية.)..فهو يعد ابن أبي سرح من الصحابة رغم أمر الرسول بقتله ولم يتركه إلا على مضض…مع كل ما تحمله كتب التاريخ الموثوقة من مظاهر عدم التزام بنو أمية بالإسلام واستهتارهم بتعاليمه … لا يزال بعض الناس يعتبرونهم فاتحين وخلفاء للرسول….. !!!.
مناقشة هذا المقال