مسابقة ملكة جمال الامازيغ و القيم الاجتماعية الامازيغية،قرأة نقدية.
امام ما يصطلح عليه ” مسابقة ملكة جمال الامازيغ ” ، اود ان اشير ان مثل هذه المسابقات لا يمكن أن تندرج، وبأي شكل من الأشكال، ضمن مسار النضال الامازيغي ، لأنها تمتهن جسد المرأة وتحولها إلى سلعة رخيصة تنتظر من يتفحصها بالعيون، وهذا الأمر يحط من مكانة المرأة المصونة ويجعلها مجرد جسد بلا كرامة ، الأمازيغي يرفض أن يذكر أحد اسم زوجته باسمها الخاص اما الاخرين/الغرباء ، وبشكل سيميلوجي يقال لها أبنائي (تروانو / تاوجانو). فهي ليست اسما او جسدا او فردا عاديا بل هي الاسرة والعائلة و المجتمع … ان المراة في العرف الامازيغي اكبر من الجنس و النوع ، انها الحياة في اوسع مفاهيمها، يحرص الرجل/المجتمع على كرامتها وهيبتها … فالرجل في المجتمع الامازيغي تقاس مكانته بقيم و اخلاق زوجته ” وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة كما يقول المثل العربي ” … الرجل دون المرأة والأرض إنسان لا يحسب عليه عند الأمازيغ لأنه لا يمتلك مقومات الانتماء والهوية. فإذا كانت الأرض تمثل الوطن والهوية فإن المرأة هي من ينظم فوضى الرجل ويقوده نحو المستقبل و يحافظ عليه .
فتاريخيا، تبقى المرأة الأمازيغية عنصرا مقاوما مكافحا منتجا مبدعا. وقد حملت كل معاني السيميولوجيا الدالة عن الخصوبة والمطر ليس مجاملة بل اعترافا بجميلها في سبيل الهوية الأمازيغية فهي : عروس المطر القادرة على إحياء الأرض بعد الجفاف والحروب والأوبئة.
واليوم، وبينما المناضلين / المناضلات الامازيغ يبحتون عن اعادة المرأة لمكانتها القيادية و الريادية في المجتمع ، نجد يبحث عن مكانة جسد المرأة بين أجساد النساء الأُخريات.
انه عصر تغيرت فيه المفاهيم و تغيرت فيه العديد من القيم الامازيغية الاجتماعية و الثقافية … انه عصر ” الماديات / الصورة النمطية للإنسان” بامتياز و تشيء حتى الانسان و جعله خاضع لمنطق السوق / التسليع على حساب الكرامة و التميز و الخصوصية .
ولعمري ان معايير ما سمي “مسابقات اختيار ملكة جمال الامازيغ ” هي نفسها تلك المعايير التي وردة في تلك الرسالة التي أرسلها الامير الاموي هشام بن عبد الملك(م 741-691 م) من دمشق إلى عامله على بلاد المغرب وهي معايير ” اللدة و المتعة ” وفق قاعدة “الامة تشترى بالعين وترد بالعيب ” كما ورد في اقوال العرب القديمة، حيث كتب هشام إلى عامله على إفريقيا أما بعد: فان أمير المؤمنين لما رأى ما كان يبعث به موسى بن نصير إلى عبد الملك بن مروان رحمه الله تعالى، أراد مثله منك وعندك من الجواري البربريات الماليات للأعين الآخذات للقلوب، ماهو معوز لنا بالشام وما ولاه. فتلطف في الانتقاء، وتوخ أنيق الجمال، وعظم الاكفال، وسعة الصدور، ولين الأجساد، ورقة الأنامل، وسبوطة العصب، وجدالة الاسوق، وجثول الفروع، ونجالة الأعين، وسهولة الخدود، وصغر الأفواه، وحسن الثغور، وشطاط الأجسام، واعتدال القوام، ورخام الكلام، ومع دلك، فاقصد رشدة وطهارة المنشأ. فأنهن يتخذن أمهات أولاد و السلام “.
محمد امنون ، باحث في التاريخ و التنمية