الامازيغية من أجل وطنية جديدة
ابتليت شر ” بلية”، بكل كتابات المفكر والمؤرخ المغربي عبدالله العروي، لأن اهتماماته وافكاره وابحاثه تعد ضرورية واكثر لفهم بنية التحول في المجتمع المغربي…وبعيدا عن مؤلفه/اطروحته المركزة جدا “الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية المغربية 1830 1912″، الذي كتبه 1980، فمن الواجب علينا كمغاربة بجميع الطبقات(خاصة وعامة ) ان نفتح من جديد قوس “الوطنية”. ان فتح كنه هذه الظاهرة على حد العروي، مادام أن هذا الأخير لمح إلى تراجعات وتنبيهات في هذا الشأن في مقدمة كتابه الذي ألفه مؤخرا الذي اختار له عنوان ” من ديوان السياسة”.
إن ظهور الحركة الامازيغية المعاصرة بالمغرب، خاصة بعد انقلابات العسكر (الامازيغ ) في بداية عقد السبعينيات، هو في حد ذاته افراز موضوعي لخلل كبير وسط ما يسمى بالوطنية المغربية التي وضعت كأساس “للوحدة المغربية” لكن على بقعة أرضية مهزوزة وبصك ولادة مفترى عليه يدعى زورا وتدليسا” الظهير البربري”، ذاك الصخب المشؤوم الذي لفقه الذين كانوا يبحثون عن عقد ازدياد لإعلان “وعدهم البلفوري” لاكتساح السياسة بالمغرب والحكم على المغاربة، على ظهور الأمازيغ والامازيغية الوطنية الازلية. تمكنوا من ذلك تمكينا باستعمال الدين وحرمة المساجد وقدسية المشترك الديني، وقاموا بتشييد قلاعهم تشييدا لا مثيل له وذلك بتعاقد سياسي خطير عرف بتوقيع 11 يناير 1944 للمطالبة باستقلال المغرب. وهو في الواقع إعلان رسمي لزواج كاتوليكي بدون شروط ولا لزوم بين شيء اسمه الحركة الوطنية مع أسياد الإمبراطورية العظمى فرنسا في شخص إقامتها العامة هنا بالمغرب. وهو رد جميل لما سمي بالحماية.
هذا كله كان هدفه الأساسي والوحيد هو إقصاء الأمازيغ الذين يقاتلون في الجبال والجبهات دفاعا عن الأرض والوطن، ولكن بدون وطنية حيث سرقت منهم، والصقها الحضريون أبناء المدن الذين تخرجوا من المدرسة، الصقوها على أنفسهم وجردوها عن الذين يستحقونها بالدم والروح والتضحيات.. واتهموهم بالخيانة والسياسة البربرية….وأصبحت الوطنية كلاما لا معنى مادام أنه يطلق على الذين لا يدافعون حقيقة عن الوطن. هؤلاء هم الذين سيجوا الوطنية المغربية بكثير من الأساطير لأنهم ابتغوا الفوز بغناءم الاستقلال وورثوا المصالح والثروات والنفوذ لاولادهم واحفادهم. ..ومن أجل ترسيخ ذلك رسوخا منيعا غرسوا تلك الأوهام في عقل الدولة الحديثة وفي مؤسساتها ليتسنى لهم أكل الوطن بهدوء وأمان…
ونسأل العقلاء هل علال الفاسي أو القادري او الصبيحي ..هم رموز الوطن في الريف وافني والصحراء الجنوبية مادام ان هذه المنطقة كان يحكمها الاسبان وليس الفرنسيين الذين يزعم أهل فاس والرباط والبيضاء أنهم جاهدوا ضدها وناضلوا ووو ثم ان وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944 الموجهة إلى فرنسا ما هو دخل تلك المناطق المغربية الأخرى التي كانت تعرف سياقات مختلفة. ..بمعنى أن في تلك المناطق توجد رموز وطنية أخرى تقاوم اسبانيا في المعارك لا يعترف بها أحد، مثلا مولاي محند هو رمز المقاومة في الريف وآخرون في ايت باعمران والصحراء…فكيف يتم فرض أسماء باعتبارها رموزا وطنية لم تقدم شيء من أجل حرية واستقلال جهات واسعة في المغرب؟ وتسمى بها الشوارع والمؤسسات ..ان احتكار نخب وعائلات سياسية محسوبة على ما يسمى بالحركة الوطنية في نطاق الحماية الفرنسية بالمغرب على الحكم والأحزاب والاقتصاد والأموال والاستثمارات والثروات منذ سنة 1956 لكفيل لفهم أصول الصراع الانتفاضات التي تندلع في كل وقت وحين بكل من الصحراء(العيون-بوجدور الداخلة ) وايت باعمران( افني) ثم الريف…ونفهم كذلك لماذا همشت هذه المناطق وخصوصا المناطق ذات الكثافة الامازيغية كالاطلس والجنوب الشرقي والواحات….
هذا الخلل المزعج في “الوطنية” المغربية المصطنعة للكذب على الوطنية الامازيغية الحقيقية، فطن له مبكرا “عدي اوبيهي” بعيد الاستقلال واجاب عنه بلغة الرصاص التي كان يعرفها، وكانت تجلياته أيضا واضحة في أحداث الريف 58 -59…ثم في الانقلابات العسكرية 71 – 72…وانفجر على رمال الصحراء سنة 1975….
الامازيغية واكبت كل هذا في صمت وترقب، تجرأ صدقي علي ازايكو في سنة 19811 وتحمل مسؤولية المرؤرخ وتكلم أمام فوهة المدفع ليصحح الخطأ وتم القبض والحكم عليه بسنة نافذة قضاها كاملة في السجن وهو أستاذ جامعي…منذ ذلك الحين والامازيغية تتصارع بالفكر والبحث والنضال والتضحيات لإعلان الخلل في الوطنية المزيفة وإصلاح ما يمكن إصلاحه. ..
الامازيغية هي وعي، هي يقظة من أجل التصحيح..هي الوطن الذي يتسع للجميع…
وهي كذلك فالحاجة ماسة إلى تعاقد سياسي جديد سنة 20177 يعترف بجميع المغاربة بدون استثناء ولا تمييز…تعاقد يلغي تعاقد 1944…
عبدالله بوشطارت