بقلم الحسن بومهدي.
في هذا المحور سنتناول الجانب المتعلق بتأثير القطاع الاقتصادي بوباء كورونا ببلادنا بشكل عام ومنطقتنا سوس بشكل خاص، وقبل الشروع في التفاصيل يجب أن نرصد بعض ملامح ومميزات ونواقص اقتصادنا الوطني في مختلف المناحي من حيث الإنتاج و التصنيع والتسويق والتصدير و الاستيراد و الاستهلاك وهذا يرجع إلى السياسات العمومية في توجيه هذه القطاعات الأساسية في الحياة اليومية للمواطنين والمواطنات والمؤسسات العمومية والشبه العمومية والخاصة وباقي العالم. وهنا يمكن أن نصنف اقتصادنا بالتبعي من حيث بعض المواد الأولية كالبترول والحبوب و التمويل من مؤسسات مالية دولية على شكل الإقراض والتوزيع والتصدير حسب التقسيم الدولي للعمل اي ان المغرب يعتبر من بين الدول التي تعتمد على الخارج في جميع مراحل الدورة الاقتصادية والمالية رغم انه في العشرية الأخيرة2010~2020 قد اتجه نحو احتضان بعض القطاعات الصناعية الحديثة وخاصة تركيب وصناعة اجزاء الطائرات والسيارات و الصناعات الغذائية والقطاعات الخدماتية كالسياحة ومراكز النداء والتكنولوجيات الحديثة وإلى غير ذلك من الصناعات التحويلية والاستخراجية دون تحقيق قيمة مضافة مهمة في إطار المناولة والخدمات عن بعد لفائدة شركات دولية بإعتبار المغرب من بين الدول التي تتميز ببنيات تحية (طرق سيار، موانئ، مطارات، وسائل التواصل السلكية واللاسيلكية، منصات الاشتغال عن بعد …) وهذا يسجل ان هناك ديناميكية و تطور مستمر اظافة إلى الاستقرار السياسي والامني وتواجد اليد العاملة رخيصة (bon marché) ورغم ان بعض المستثمرين يطرحون بعض التساؤلات حول مستوى تكوين العمال والمستخدمين خريجي مؤسسات التكوين المهني في مختلف التخصصات وفق متطلبات سوق الشغل، وكانت مجموعة من التدخلات على المستوى السلطة العليا للبلاد و الحكومي و لإصلاح هذه المنظومة التكوينية تم تكليف كل من OFPTT الوسيط الأساسي من حيث التكوين والتأهيل والتشغيل بالإظافة إلى ANAPEC التي عرفت كذلك مجموعة من التحولات وخاصة في فترة إدارتها من قبل اغماني واناس الدكالي.
اظافة إلى كل هذه الظروف المواتية والمشجعة للمستثمرين وخاصة الشركات الدولية في القطاعات الاستراتيجية كانتاج الطاقة والنقل والتوزيع واللوجيستك وحتى في ميدان حيوي و استراتيجي للمغرب وهو قطاع الفلاحة والتي عاشت أوضاع حرجة في السنوات الأخيرة بسبب الجفاف والحصار المطبق على المنتوجات المغربية في الأسواق العالمية وخاصة الأسواق الأوربية مما يجعل الإنتاج الفلاحي المعتمد على الفرشة المائية المهددة بالتظهور والجفاف والنمودج بجهة سوس ماسة وبالضبط منطقة شتوكة وأولاد برحيل بتارودانت الذي صل فيه عمق المياه إلى حوالي 300 م وأكثر وهذه المناطق هي المودة بأغلب الخضر والفواكه للمغرب وللتصدير رغم ان هناك مشروع كبير وطموح وهو تحلية مياه البحر بذات الجهة لتدارك هذا الخصاص لكن بتكلفة جد مرتفعة ومكلفة على المستوى البيئي وخاصة بالمناطق الشاطئية التي ستحتضن محطات التصفية بما لذلك على المجال الحيوي للكائنات الحية البحرية و الساحلية مع العلم ان بعض هذه المحطات تتواجد بالمنتزه الوطني سوس ماسة.
وهناك كذلك قطاع له علاقة بالاقتصاد الاخظر وهو إنتاج الطاقة الشمسية والريحية بكل من ورزازات وطاطا الداخلة و السمارة وبعض المناطق المتفرقة على الصعيد الوطني من استغلال مؤسسات عمومية وشبه عمومية وشركات خاصة مما سيكلف المستهلك المغربي فاتورة التكلفة المرتفعة في مرحلة الاستعمال والاستغلال وخاصة ان المشرف على التوزيع المكتب الوطني للكهرباء والماء قطاع الكهرباء ، الذي أصبح في السنوات الأخيرة كمقاولة ربحية بعيدا على ماهو اجتماعي و تضامني يفرض على المستهلك اثمنة مرتفعة بسبب احتكار هذا الأخير للقطاع دون الاعتماد على نوع من العدالة المجالية بين مناطق البلاد وتجارب الدول المتقدمة في مجال إنتاج الذاتي للطاقة وخاصة الشمسية باسطح المؤسسات و المنازل كمثال فقط لحل هذا الاحتكار والمساهمة الذاتية في إنتاج الطاقة.
وبما أن الدولة في شخص مؤسساتها الدستورية والهيئات المصاحبة والمكملة والمساعدة لها حسب القانون والتي تستهذف في آخر مطاف هو خدمة المواطن وتقديم كل الظروف والشروط الممكنة لتنميته وضمان استقراره وتوفير كل الحقوق و الامكانيات الضرورية لخلق التوازن داخل المجتمع المغربي بين جميع مكوناته وطبقاته الاجتماعية مقابل أداء الواجبات من ضارئب ورسوم و احترام القانون والمؤسسات، بادر ملك البلاد إلى تعيين لجنة النمودج التنموي الجديد ، لاقتراح وصفات ونمادج او نمودج تنموي ناجع للخروج من الوضع المتأزم الدي يعيشه مجتمعنا على جميع الصاعدة، وكانت لحظة وباء كورونا تضع اللجنة والنخب السياسية والفعاليات الفكرية في محك بلورة النمودج التنموي الجديد الدي يستحقه المغاربة جميعا واعتماد مقاربة تشاركية بالفعل دون اغفال كل الفاعلين في مجال التنمية بشكل عام.
كل ماورد في ماسبق يؤطره الشق القانوني و التشريعي والسياسي خاصة في القانون المالي الذي يعطي للاقتصاد الوطني خريطة الطريق على جميع مستوياته ومراحله من الإنتائج حتى الاستهلاك والتصدير و الاستيراد. “يتبع”
مناقشة هذا المقال