حسن بلقيس ( أمكسا )
أمام الباب الرئيسي لمقر عمالة تيزنيت ، ليلة أمس ، تشكيلة رسمية تخرج لإحياء حفل ديني يترأسه العامل ، بينما شابان عشرينيان ، يعتصمان و يضربان عن الطعام منذ أسبوعين أمامه ، يقاتلان الجوع و البرد لكن الحكَرة تستنزف طاقتهما أكثر ، اللامبالاة و الادعاءات المغرضة تخنقهما ، كما يختنق شباب اليوم من فشل منتخبيهم و المجالس التي تمثلهم في إيجاد الحلول لقضاياهم ، في مدينة تنعدم فيها الفرص و تعج بالانتهازيين و المتبركين بالأموات .
بدأت قصة ” خليل و جعا ” قبل سنة و نصف ، حين اعتقلو رفقة اخرين ، بتهم واهية ، و كل ما في حوزتهم ” عربة ” كأداة للجريمة ، ” خليل و جعا ” اللذان إختارا البيع على الرصيف لكسب قوت يومهم ، ” باغي نفرش باش نعيش … مانشفر ما نبيع الحشيش ” كان شعارهما انذاك ، كل ما كان يرجوناه عيش كريم ، في مدينة لا فلاحة ولا تجارة ولا صناعة فيها، حيث أصبحت ” تفراشت ” ملجأ للشباب العاطل عن العمل ، لكسب لقمة العيش ، في مدينة لم تبخل عنها الطبيعة قط ، و لكن بخلت عليها الدولة منذ الإستقلال الى اليوم .
مشكلة تيزنيت الكبرى ، أن السياسة فيها لا تشغلها قضايا الشباب ، و لا يشغلها العيش الكريم لأبنائها ، بقدر ما يشغلهم كرم مهاجريها السائرون نحو الإنقراض ، في مدينة حتى ساكنة قراها سلبت منهم اراضيهم و تتوجه فيها السياسة لشرعنة الاعتداءات المافيوزية للرعاة الجائرون ، و تهجير شبابها مقابل توطين الرحل و الحلوف و بوغابة و استنزاف مواردها .
هي ” حصلة ” شباب ، في مدينة مسؤوليها صارت وظيفتهم الوحيدة هي إحياء الحفلات الدينية و القنية ، و ” الترحم ” على الأموات في الزوايا و المساجد ، على ” هولاء ” أن يخجلوا من أنفسهم، في مدينة يفكر نخبة شبابها في صناعة مستقبلهم خارجها ، بينما أالأغلبية الباقية تموت ببطء مكبولةً ب ” بليتها ” ، و القلة التي إختارت البقاء و المقاومة ، في رفع مشعل التنمية كحق أساسي ، يسعون لزراعة ” اليأس ” في نفوسهم أمام مقرات مؤسسات دولة ، كان أولى أن تكون رحيمة بالأحياء أولاً .
مناقشة هذا المقال