عن المرحوم الأستاذ عبد الكبير الخطيبي:
بدون طرح الأسئلة الكبرى سيبقى الموت هو مصيرنا المحتم والميتافيزيقا ملجأنا الخالد.
الدعوة إلى نبذ كل علاقة للسيطرة أو الاستعباد، وينشد التعدد والحرية التي تكمن وراء كل إبداع أو تجاوز أو فعل حضاري.
الدفع إلى إعادة صياغة سؤال الذات المغربية في الزمن الراهن بشكل مختلف في جذريته.
نقد تسمية وميثاق “اتحاد المغرب العربي”:
الثقافة الامازيغية معطى أساسي في كياننا المستقبلي، وكلمة المغرب ذاتها تحمل في طياتها هوية ثقافية خاصة ومنفلتة،
يؤكد منذ الثمانينات من القرن الماضي على ضرورة اعتماد الواقع اللساني للبلد او المنطقة ضمن استراتيجية تعليم اللغات، وعلى ضرورة إدراج الامازيغية في المنظومة التعليمية تحقيقا للسلم اللساني وتجنبا للإقصاء.
مقتطف من الدراسة التي خصصناها لمشروع الخطيبي في كتابنا “الأمازيغية والسلطة، نقد استراتيجية الهيمنة”، منشورات وجهة نظر، الرباط، 2009. وللتفصيل يمكن العودة إلى الكتاب من ص.83
ينطلق فكر الاختلاف عند الخطيبي من الواقع، و يتخذه منطلقا أساسيا للتفكير و النقد، على اعتبار الواقع تكثيف لوجود ينطق باختلافات لا حصر لها. من هنا يقرر الخطيبي إن “ما يهمني هو الهنا ذاته، الهنا الأرضي.” نقد يعتبر الواقع والوجود المرئي هي المنطلقات الحاسمة التي ينبغي أن يتخذها فكرنا، ومعرفتنا ينبغي أن تأتي من خلال مانراه كواقع عيني ملموس، وما ينطق به الجسد كحقيقة مادية.
فهو يدعو إلى معالجة مواضيع التخلف والتأخر المجتمعي، انطلاقا من هذا الواقع، ومن الخاصية التعددية للهوامش التي احتضنت ممارسات الإنسان وتعابيره، ورغباته ومكبوتاته الفردية والجماعية، حيث يتناول مجالات المقموع والمقصي في المجتمع وفي الجسد، كالثقافة الشعبية والعوامل الرمزية والتعابير الهامشية كالحكاية والوشم والنسيج والكتابات التقليدية…، ويعيد تفكيرها كمواقع وجودية وإختلافية، وذلك خارج سلطة الخطابات السائدة التي تخنقها وتحاصرها.
الخطيبي والأمازيغية:
لقد كان الخطيبي سباقا، وربما استثناءا، من بين المفكرين والمثقفين بالمغرب، غير المحسوبين على الحركة الامازيغية، إلى إثارة مسألة التعدد اللغوي والهوياتي، فنجده يؤكد منذ الثمانينات من القرن الماضي على ضرورة اعتماد الواقع اللساني للبلد او المنطقة ضمن استراتيجية تعليم اللغات، حيث نصت المذكرة التي كتبها بعد تأسيس اتحاد المغرب العربي على ضرورة إدراج الامازيغية في المنظومة التعليمية تحقيقا للسلم اللساني الذي من شانه التخفيف من مسلسل الإقصاء. فالثقافة الامازيغية معطى أساسي في كياننا المستقبلي، كما كتب ، وكلمة المغرب ذاتها تحمل في طياتها هوية ثقافية خاصة تنفلت من كل المحاولات الوحدوية.
ومن الواضح أن لهذا الموقف أهمية بالغة في سياق المواقف و الأطروحات التي عبر عنها الخطاب الفكري المعاصر بالمغرب حيال المسألة اللغوية والثقافية والهوياتية ، خاصة إذا استحضرنا كونها جاءت في مذكرة رد على تأسيس اتحاد المغرب العربي الذي كان اول ما نصت عليه وثيقة تأسيسه هو وحدة اللغة، أي العربي، واذا علمنا بان جل الكتاب والمثقفين والنخبة الذين تشكل فكرهم وموقفهم الثقافي في خضم الخطاب الدوغمائي والمفاهيم المطلقة التي ألفت حول قضايا الهوية واللغة والثقافة خلال العقود الماضية لم يرتقوا بعد إلى مستوى هذا الموقف الاختلافي والتعددي، بل لا يزال من بينهم دعاة “الشباك الواحد”والمنادون بالعودة إلى تراث ولغة شبه الجزيرة العربية.
وكما سبق أن أكدت في عدة محاضرات وكتابات، فمشروع الخطيبي مشروع لم يكتمل، تحقق جزء منه، ويبقى جزء أكبر في حاجة إلى البلورة والتحقق كإطار فكري اختلافي مؤسس للإنسية والذاتية المغربية ومستقبلها….
مناقشة هذا المقال