بقلم الحسن بومهدي.
وبعد أن تطرقنا إلى بعض ملامح القطاعات الاقتصادية التي يرتكز عليها المغرب على مستوى النمو الاقتصادي اوالتنمية البشرية ، سواء لتلبية الاحتياجات الداخلية لكل مكونات المجتمع وكذلك من أجل التسويق الى الخارج عن طريق التصدير كمثال: دول الاتحاد الأوروبي، روسيا والهند
و الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الإفريقية والعربية و بعض دول أمريكا اللاتينية، مع العلم ان الميزان التجاري لبلادنا يعرف عجزا كبيرا بإعتبار ان اغلب المواد المصدرة هي مواد خامة واولية و خاصة المواد الفلاحية والصيد البحري والمعادن ، وبعض مواد الصناعة التقليدية و النسيج ،رغم ان في الآونة الأخيرة هناك التصدير للسيارات وقطاع الغيار للطائرات لكن في إطار عقود المناولة او (sous-traitance) وخلق فروع شركات دولية بالمغرب مقراتها في الخارج مما يؤدي إلى عدم استفادة خزينة الدولة من المداخيل الجبائية المترتبة من أرقام معاملات و أرباح وفائض القيمة التي تحققها فروع هذه الشركات ببلادنا.
مما يكرس التبعية المطلقة للمؤسسات المالية الدولية في عملية التزود بالعملة الصعبة وتغطية أداء فواتر الطاقة وفوائد إعادة الديون الخارجية وكذلك تغطية العجز الحاصل بميزان الاداءات بإعتبار تكلفة المواد و الآليات والخدمات المستوردة جد باهظة الثمن بالمقارنة مع اثمنة الصادرات، زد على ذلك المداخل الخاصة بتحويلات مغاربة العالم إلى المؤسسات البنكية بالبلاد والتي عرفت في السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا مباشرة بعد اعتماد الاتحاد الأوروبي اليورو كعملة موحدة، وهذا مما أدى الى ضعف القدرة الشرائية للمهاجرين المغاربة والذي ينعكس على عملية الادخار التي كانت من بين الوسائل التي تتيح لهم إلى حد ما الاستثمار في القطاعات الاقتصادية في بعض الأحيان رغم معاناتهم من ممارسات بيروقراطية من الإدارة المغربية ، وكان من بين اغلبهم من قام بتوظيف امولهم في القطاع العقار وخاصة في بداية الثمانينات والتسعنيات القرن الماضي. وم مباشرة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية 2008 تراجع القطاع وعرف الاقتصاد المغربي نوع من التضخم حسب مؤشرات المؤسسات الوطنية والدولية مما جعل اغلب هؤلاء يراجعون حساباتهم في ما يخص الاحتفاظ بممتلكاتهم بالمغرب و اللجوء إلى تصفيتها وكذلك هناك عامل مؤثر الاوهو تصاعد الترسانة الجبائية وارتفاع تكلفة الرأسمال المستثمر في العقار وبالتالي عرف المغرب مند هذه الفترة إلى الآن انكماش في السوق الوطنية للمشاريع العمرانية بسبب كثرة العرض على الطلب.
وللتذكير فإن الدولة قامت بمجموعة من التدابير التحفيزية للمغاربة بشكل عام والجالية المغربية القيمة بالخارج بشكل خاص مثل برامج السكن الاقتصادي والاجتماعي وفوگاريم وغيرها من البرامج السكنية لحل معظلة السكن العشوائية والغير اللائق ودور الصفيح ،لكن كل هذا لم يتم في إطار حكامة جيدة بحيث هناك استحوا مؤسسات عمومية اوشبه عمومية او شركات خاصة على هذا المنتوج و الاحتكار وبالتالي المضاربة واقصاء فئات اجتماعية وحتى الطبقات المتوسطة من الإستفادة بشكل منصف وعادل.
وكل هذه المعطيات يجب التذكير بها في هذه اللحظة الحاسمة في حالة وباء كورونا وما خلفه من ردود لإعادة النظر في السياسات العمومية في المجالات الإقتصادية والاجتماعية لاننا في آخر مطاف يجب على السياسيين من أحزاب وحكومة و فاعلين آخرين وخاصة المسيرين للشأن العام و المقررين الأساسيين في المشهد السياسي المغربي،
و في إطار المؤسسات التشريعية سواء على مستوى البرلمان او كذلك على مستوى الجماعات الترابية جهويا، إقليميا ومحليا ان يعيدوا النظر في القوانين والتشريعات التي لا تخدم مصلحة البلاد والمواطنين والمواطنات بجميع مستوياتها الاجتماعية وانتماآتها المجالية في الداخل او
في الخارج. (يتبع)
مناقشة هذا المقال