نقاش أمس الجمعة حول التعليم الخصوصي بتيزنيت على منصة موقع اتيك ميديا، كان فرصة لبداية فتح سؤال التعليم الخصوصي محليا وبداية طرح الاسئلة الحقيقية بوضوح وموضوعية ..لا أميل إلى موقف التشهير و الأجوبة الجاهزة والانطباعات السريعة، خاصة في السياقات غير العادية والمعقدة ..ولكن وأنا أتابع مواقف آباء التلاميذ حول التعليم الخصوصي أجد جلها ردود افعال سريعة في سياقات استثنائية..لان السؤال المطروح الآن،هل غضب الآباء على المدارس الخصوصية نابع من إخلال بتعاقد بيداغوجي ام بتعاقد مادي؟ هل كان من اللازم أن لا يتم اكتشاف اعطاب المدارس الخصوصية إلا مع كورونا وسياقها؟ هل كانت السنوات الماضية خالية من اعراض ومسببات ممكن أن تفرز نقاشا هادئا وصريحا حول المدارس الخصوصية؟ من حرك هذا النقاش الآن، ألا يمكن اعتباره مجرد سبب مادي نابع من رفض أداء ثمن “منتوج” / “سلعة” لم يقتنع الآباء بخدمة “توصيلها عن بعد”..لأن المدارس الخصوصية في لاوعي الآباء ليست سوى سوبير مارشي، ولأن أيضا بعض هذه المدارس الخصوصية تسير بعقلية السوبير مارشي..
سؤال أخير وهو المؤرق، والمدخل لتفكيك هذه “السردية الغاضبة” الآن..من هو الحامل الاجتماعي لهذا الغضب والعصيان الحالي ( اللحظي )حول المدارس الخصوصية؟
في هذه المدينة والجهة ( تيزنيت- أكادير) التي انتمي اليها وانطلاقا من متابعة هذا النقاش، نجد التركيبة الاجتماعية تتكون من الموظفين ورجال التعليم بالأساس، فئة كان من المفترض أن تبلور مواقفها وتقييمها وأسئلتها وترافعها قبل كورونا، ومن المفترض ان تكون دائما في قلب المساءلة الاجتماعية للخدمات العمومية من تعليم وصحة وماء وكهرباء نقاشا وترافعا ونضالا، وهي الغائبة دائما والتي لا تريد اداء ضريبة النضال والاحتجاج، وتتوسل الحلول السهلة والنضال بالوكالة..
أما مايحدث الآن فهو في نظري (واتمنى ان اكون غير موفق في وجهة نظري) فهو مجرد ردود أفعال تحركه دوافع مادية ومشاحة بين زبون شاطر ينظر الى التعليم كسلعة وبين مؤسسات خصوصية تعرض بدورها سلعتها…
ولكي نصدق هذا النقاش، فليملك نساء ورجال التعليم وعموم الموظفين جرأة الانخراط في الديناميات الاجتماعية الحقيقية دفاعا عن الخدمات العمومية التي يؤدون من أجلها الضرائب دون أن يستفيدوا منها، لأنهم كطبقة وسطى من المفترض سوسيولوجيا أن يكونوا الحامل الاجتماعي للديناميات الاجتماعية والسياسية …أما مايحدث الآن فهو ردود افعال وغضب عابر…
ختاما اعرف ان هذا الرأي لن يروق الكثير من الأصدقاء والآباء، ولكن طرح اسئلة موضوعية وبيداغوجية والتي تؤطر هذا النقاش أهم بالنسبة لي، لأن مايهمني هو الخطابات الساعية لتأسيس وعي تاريخي واجتماعي بالازمة التي نعيشها في التعليم والصحة وكافة خدماتنا الاجتماعية، التي ليست سوى انعكاس لطبيعة نظامنا السياسي واختياراته الاجتماعية.
مناقشة هذا المقال