بقلم: توزيط نورالدين
لابد ان يلامس أبناء سوس والجنوب عامة من خطاب جلالة الملك بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء إلتفاتة حقيقية للوضع في المنطقة فلا يعقل ان يظل الوضع كما هو عليه، و أن و تتركز ما نسبته 87 في المئة من حجم الاستثمارات في النصف العلوي من التراب الوطني، في حين لا تتعدى في النصف الآخر المتبقي 13 في المئة، رغم توفر هذه المناطق على إمكانيات اقتصادية مهمة و ثروات طبيعية متنوعة.
لغة الارقام تؤكد ان هناك حيف يمارس على هذه المناطق ضدا فيها، والعدالة المجالية التي يصبو جلالة الملك إلى ترسيخها هناك عوائق كثيرة تقف أمامها.
فتشخيص واقع أكادير مقارنة بالإمكانيات الاقتصادية الواعدة يدفعنا إلى طرح اكثر من علامة استفهام. فما الذي يقف أمام هذه المناطق و يمنعها من أي إقلاع اقتصادي منتظر؟ وهل يمكن للجهات الجنوبية الثلاث بالإضافة لجهة ماسة درعة أن تنافس على جذب الاستثمارات ببنيتها التحتية المحدودة؟
أبناء سوس و نخبها منذ سنوات يدقون ناقوس الخطر حول أكادير فجل المعطيات و الارقام في منحنى سلبي، وواقع بنيتها التحتية عرف تدهورا ملحوظا بالموازة مع ذلك انخفضت ارقام قطاع السياحة بالمنطقة و مساهمتها في توفير فرص الشغل، نفس الأمر ينطبق على قطاع الفلاحة الذي عرف عائد أقل.
بوابة سوس تئن و تدهورها فتح الباب على مصراعيه ليتحدث البعض لتفسير واقعها عن غضبة ملكية غير معلنة، وآخرون يحاولون تفسير وضعها بوجود لوبي إقتصادي يقف في وجه الاستثمارات العمومية في المنطقة،و هي الفكرة الأكثر صوابا في حقيقة الأمر؛ فمن علم بخبايا مشروع الطريق السيار الذي يربط مراكش بأكادير و العواقب التي وقفت سدا منيعا أمام هذا المشروع سيعلم أن هناك بالفعل أيادي خفية تعبث بأكادير.
نفس الايادي هي من يوجه السياحة اليوم نحو مراكش عوض أكادير، فالإطلاع على عروض رحلات الطيران صوب مطار المنارة و المسيرة، و بمقارنة بسيطة تدفعنا إلى تبني فكرة مفادها أن هنالك من يوجه السياح نحو مراكش بعروض تفضيلية عن أكادير تصل في بعض الأحيان إلى ضعف الأثمنة.
هذه حقائق لا يجب اخفاؤها و الخوف من كشفها يمنح لهؤلاء الوقت الكافي لإحداث الضرر بأكادير و بالتالي ضياع مستقبلها، و يجب توجيه النقاش العمومي صوبها حالا لتصحيح هذه الإختلالات عوض لجم الأفواه و إخراس الألسنة، فالخطاب الملكي اليوم وضع الاصبع على الجراح بالقول أن “جهة سوس-ماسة يجب أن تكون مركزا اقتصاديا يربط شمال المغرب بجنوبه، من طنجة شمالا، ووجدة شرقا، إلى أقاليمنا الصحراوية”.
و ليس من المنطقي مطلقا كما جاء في نص الخطاب “أن تكون جهة سوس ماسة في وسط المغرب، وبعض البنيات التحتية الأساسية، تتوقف في مراكش، رغم ما تتوفر عليه المنطقة من طاقات وإمكانات” و دعوة الملك للتفكير، بكل جدية، في ربط مراكش وأكادير بخط السكة الحديدية ودعم شبكة الطرق، و تعزيزها بالطريق السريع، بين أكادير والداخلة، هي المفتاح الحقيقي لعلاج الاختلالات ودعم الاقتصاد الوطني عبر توسيع دائرة المناطق المنتجة، و الاستثمار في مجال تأهيل بنيتها التحتية سيحفز لا مفر من جذب رؤوس أموال أجنبية.
فقرتين في خطاب الملك محمد السادس تكفي لمعرفة مكامن الخلل و العلاج كذلك، فجل الخدمات كانت دائما تقف عن حدود مراكش و لم تنل أكادير بالمطلق مقارنة بمساهمتها في الناتج الداخلي الخام و امكانياتها الاقتصادية مكانتها، و خطاب اليوم ربما جاء لتصحيح مكان الخلل و تنزيل مضامينه سيفتح على جهة سوس الباب على مصراعيه للنهوض بالتنمية في المنطقة و فك العزلة عن مناطق النائية .
مناقشة هذا المقال