هذه حكاية رواها لي وسمعتها من فم الشخص الذي حصلت له وعاشها وهو الدا مسعود الذي كان يمتهن البقالة بمدينة مكناس بحي سيدي بابا….اكتبها لاني ان احسن وسيلة للترحم عليه هو ان اقدم حكايته هذه لعل فيها عبرة ولعل فيها فائدة اسأل الله العلي القدير ان يشمله برحمته وواسعه مغفرته….
واعتذر اذا كان هناك خلل في السرد لاني اكتب من الذاكرة ولانه مرت اكثر من 30 سنة على هذه الرواية …
ينحدر الدا مسعود من قبيلة ايت وادريم بشتوكة ايت باها….وانخرط باكرا في الجيش الفرنسي ….كان الدا مسعود من اصول افريقية …لكنه كان دائما يفتخر انه كان حرا ولم يعاني من العبودية …وكان يقول لي دائما بالامازيغية …
Nikkin adrfi ad GiV ur giV ismg
وكانت كلمة ومصطلح ادرفي جديدة علي ….نظرا لصغر سني …والححت عليه في شرحها …وقال لي ادرفي هو من استعاد حريته….وكنت ايضا في صغري اسمع الشيوخ يذكرون مصطلح امازيغ في مقابل اسمك (ismg).(.(العبد)…لكن ادرفي كانت اول مرة تصل الى مسامعي…
لم اعد اذكر ظروف الدا مسعود وسبب انخراطه في الجيش الفرنسي ….المهم انه تم ترحيله الى فرنسا للدفاع عنها ابان الحرب العالمية الثانية….وبالضبط حسب ما حكى لي على الحدود الفرنسية البلجيكية….واصيب بجرخ في قدمه اثناء المعارك…وانتهى به الامر الى الاسر ..واخذوهم الالمان الى داخل بلجيكا……
وكان الاسرى من مغاربة وباقي الجنسيات الافريقية وبدا استنطاقهم وتسجيل بيانتهم..في غرفة …يحكي الدا مسعود فقال…
لما جاء دوري ادخلوني برفقة اسير اخر كنا نحن الاثنين آخر من تبقى من الاسرى لم يستنطق لما دخلت للغرفة التي يتم فيها اخد البيانات..وجدت ضابطا صغير الرتبة على مكتب …وعلى مقربة منه عسكري اخر صغير الرتبة يرقن على الآلة الكاتبة ..وضابط اخر اكبر رتبة من الاثنين الاخرين …يقف مستندا الى الحائط ولا يتدخل في طرح الاسئلة فقط يستمع ويشاهد…
تم استنطاق رفيقي اولا ثم جاء دوري …وكنت لا اجيد الفرنسية ..ولا العربية…المهم استطاعوا ان يعرفوا اسمي ورتبتي ورقمي وكتيبتي وباقي المعلومات…ولاننا كنا آخر الاسرى …امر الضابط الكبير الضابطين المكلفين يالاستنطاق…بالانصراف …وكذلك رفيقي وكنت اهم بالانصراف فاشار لي ان اذهب الى ركن في الغرفة..كاد قلبي يصل ركبتي من شدة الخوف والقلق….ومر وقت قصير .لكنه كالف سنة بالنسبة لي ..خرج كل من في المكتب…وبقي الضابط الكبير…فذهب الى باب الغرفة واقفله …ثم جلس في المكتب…واشار الي .تعالى..واشار لي بالجلوس على كرسي …امامه. ومد لي سيجارة اخذتها باصابع مرتعشة …ثم نظر الي …مليا ثم قال لي بالامازيغية
-انت من ايت وادريم…..
فذهلت ….واختلطت لدي مشاعر المفجاءة…واحساس غريب ببعض الطمأنينة..اجبته
-نعم
-من أي دوار انت
-من……..
-ابن من انت
-ابن فلان
– و فلان هل لازال على قيد الحياة
– نعم .
ثم بدأ يسالني عن سكان الدوار واحدا واحدا وعن عائلاتهم وحتى اسماء النساء والابناء..يعرفها…وفي لحظة لم يعد لدي شك انه من ابناء الدوار…واستجمعت بعض قوايا وشجاعتي وسألته وانت ابن من تكون…فتبسم …وقال انا الماني لكني حين كنت طفلا صغيرا وقضيت هناك بعض سنوات كنت ادرس في المسجد عند الطالب سيدي فلان
ثم بدأنا نتكلم عن نوادر بعض الشخصيات في الدوار..و.المعروفة بحسها الفكاهي…ثم نضحك….
وكنت اتضور جوعا لكني خجلت ان احرجه….ولكنه فهم من نظراتي وقال لي عليك بالصبر على الجوع فانت تعودت على صيام رمضان..
ثم سكت برهة ثم التفت الي…وقال لي …كما ترى فهؤلاء الاسرى معظمهم سيموت بردا او مرضا او جوعا…وهم غير متعودين على مناخ وطقس اوروبا…
اما انت فساخرجك من هنا…ولما احسست بانه لا يريد فقط مساعدتي بل عنده احساس ما بالمسؤولية علي …تجرأت وقلت له لن اذهب وحدي واترك صديق لي هنا ..فسألني هل هو من الدوار قلت له لا..هو من منطقة اخرى من المغرب وليس امازيغي…فقال لي اعطيني اسمه..اعطيته اسمه…
المهم وباختصار ..حين اظلم الليل …كنت لا ازال في المكتب…فجاءني وقال لي تعالى خرجت وجدت صديقي المغربي يبتسم ..وفرحا…فامرنا الضابط ان ندخل صندوق سيارته…وقال لي بالمازيغية قبل ان ادخل صندوق السيارة..ساخذكما الى حدود فرنسا…وعليكم تدبير امركم…واذا حصل واسروكم وجاؤوا بكم الي …ساعدمكم…ثم مدنا ببعض الطعام والدواء…
وصارت السيارة مدة …ثم توقفت وامرنا بالخروج…والركض…ولم تتح ليبع ذلك فرصة لرؤيته و حتى شكره ..على صنيعه معي.بل فقط تحيته.. ..ويحكي الدا مسعود انه ورفيقه سارا على القدام حتى مدينة بوردو وهناك..دخل المستشفى …وكان جرحه بليغا بحيث تم إعفاءه من الجيش وتمت اعادته الى المغرب
بعد شهور من العلاج……
ليس دا مسعود الوحيد الذي التقى بضباط المان يتكلمون الامازيغية ..اثنا الحروب العالمية …هناك قصص اخرى لاناس اخرين لكن قصتنا هذه سمعتها ممن عاش التجربة بنفسه
بالطبع الضابط الالماني كان جاسوسا لالمانيا كان سوس يعج بجواسيس اوروبا ….وكذللك باقي مناطق المغرب …في تلك الحقبة وما سبقها …
. رحم الله دا مسعود
المحزن ان الدا مسعود عاش يعمل كبقال…ولم يستفد من تقاعده كجندي في الجيش الفرنسي ذللك لانه لم يسوي وضعيته…(الاوراق)… الى ان توفي رحمه الله ..واتمنى ان تفيد حكايته هذه دارسي تاريخ سوس …الكبير…وتدخلات القوى الكبرى في سوس ..
مناقشة هذا المقال