بقلم ابراهيم عفيف
“قهقهة الجدران” ،مجموعة قصصية رائعة للقاص الصديق الحسين الناصري سلام . حازت على جائزة غاليري الأدبية “دورة العربي بنجلون”
في البداية، أود أن أشكر صديقي الأستاذ الحسين على إهدائه لي هذه المجموعة القصصية الرائعة، شكلا ومضمونا. وأقدم له كل التهاني على نيله ثقة وإجماع أعضاء لجنة التقييم، وفوزه بالجائزة الأولى في جنس القصة القصيرة جدا…..
قهقهة الجدران هي مجموعة من القصص الصغيرة جدا، التي لا يغيب عنها الجانب الحكائي؛ لكنه لا يظهر بالشكل الصريح الذي عهدناه في القصة. وأنت تقرأ قصة من القصص الرائعة، تحس بوجود شخوص عدة، لكن القاص يخفي عنك بلغة راقية ذات دلالات عميقة، أسماءها وملامحها وحتى أفعالها في الكثير من الأحيان. وفق هذا النهج السردي الذي يشد الانتباه، يترك القاص للقارئ كل المجال ليتخيل بدوره شخصيات نابعة من بنات أفكاره ويسقطها على القالب الحكائي للكاتب….
حقا، لست متخصصا أكاديميا في نقد القصة، ولست معتادا على قراءة هذا الجنس القصصي، لكنني وجدت فيه ما غاب عني في قصص عديدة …
وأنا أقرأ قصة تلو قصة كذلك المدمن على السيجارة، حاولت أن أتسلل إلى أعماق الرؤية الفلسفية المؤطرة للمجموعة القصصية، سلكت لذلك طريقا مسيجا بخلفيات تربوية وقيمية. بعد كل قراءة أجد نفسي أقوم بتأويل معين للقصة موضوع القراءة، وذلك بإلباسها عباءة فكرية معينة، وما إن أكرر القراءة حتى تظهر لي زاوية أخرى للقراءة التأملية والتأويلية….حقا، هنا يظهر سحر النسج السردي للصديق المتألق الحسين….
بهذا التقديم، أحببت أن أحبب إليكم هذه المجموعة القصصية، وأحفزكم للبحث عنها….حتما ستجدون فيها ضالتكم الفكرية والأدبية….
ولمزيد من التشويق، أحببت أن أتقاسم معكم بعض “الفلاشات” التأويلية لعينة من القصص المختارة:
- قصة وشم: وجدت فيها تلك السهولة والخطورة التي نحول بها الإنسان إلى كائن فاشل، وندمر الطاقة الكامنة بداخله…..
- قصة اختلال: قرأت من خلالها وعبرها، كيف يمكن أن تشكل عقلية القطيع، وكيف نحول وجهة الأمور بمنطق التبعية للآخر الذي يكبرنا سنا أو جاها أو سلطة….
- قصة انعتاق: في أعماقها برزت لي إمكانية تحويل النكبات إلى صحوات…..
- قصتا سيرة وشرك: وجدت فيهما بعضا من الواقع المرير، والخواء الفكري الذي أوصل الكثير من شبابنا إلى هاوية الانحراف والتشدد والتطرف…..
- قصة تهنئة: قرأتها بنظارات رجل تعليم، الذي لم تعد أسراره المهنية خافية على أحد، حتى من العوام…..
- قصة عقال: وأنا أقرأ، أتخيل الكثيرين منا، ولا أستثني نفسي، وهم يخططون، يظنون أنفسهم يستمتعون بالسباحة في بحر الآمال، وفجأة يجدون أنفسهم في بحر التسويف…..
- قصة قبة العقل: مجددا، وأنا أقرأ، استعنت بمنظار ونظارات رجل التربية والتعليم. وجدت في القصة صورة مؤلمة لواقعنا التربوي، صورة قاتمة لمخرجات مدارسنا…..وجدت فيها أن المجتمع هو من يوجه مدارسنا، وليس العكس كما نتمنى…..
- قصة عقدة: أو حينما نهرب،عن قصد، عن واقعنا المرير ونحاول أن نخلق لأنفسنا براديغمات تفسيرية عبارة عن أكاذيب لا يصدقها إلا نحن…وفجأة، حتى أنفسنا ترفض الاستمرار في تصديق تلك المهدئات النفسية ….
- قصة المشهد الأخير: …وفعلا، هي المشهد الأخير، الذي يلخص حاضرنا وماضينا، يلخص تلك الفوارق بين الشمال والجنوب، بين عالم يطمح إليه الكثير منا وواقع مفروض علينا….
كانت هذه فلاشات شخصية “تأويلات وتأملات” بعد قراءة المجموعة القصصية الرائعة…
شكرا مجددا صديقي الحسين على هذه الهدية الرائعة
ابراهيم عفيف
ماسة بتاريخ 03 يوليوز 2021
مناقشة هذا المقال