أكادير ،يناير ،2022
لا يمكن بعد سنتين من جائحة كورونا، ورغم كل محاولات الدولة إحتواء الآثار الإجتماعية للجائحة، الحديث عن إستقرار إجتماعي كفيل بزرع الثقة في نفوس المغاربة،
فما هو أصبح في حكم المؤكد، أن الدولة أطلقت العنان للزيادة في الأسعار، واحجمت مراقبتها وضبطها لإنضباط الساكنة لقراراتها الرامية إلى تحقيق المناعة الجماعية ،
هناك اليوم قطاعات مشلولة وجدت نفسها بسلطة الجائحة خاضعة لكساد عصف بمستقبلها، وفي المقابل قطاعات أخرى عكست ازمتها في المس بالقدرة الشرائية للمواطنين وفرضت قانونها،
يبدو أن الدولة لم تعد تكترث للوضع الصحي لمواطنين ركبوا دماغهم الجمعي وتهاونوا في مواجهة الجائحة رغم ما وفرته الدولة من لقاح مجاني و مراكز متعددة وخيار في نوع اللقاح وهو ما ليس متوفرا في أعرق الدول،
الجرعة الثالثة لم تلقى نفس الحماس من المواطنين وهو ما اربك كل حسابات الدولة، و اليوم أصبح خيار الإغلاق الكلي و حضر التجول مهدد بعصيان مدني أراه جاهلا متعجرفا و متطاولا على هبة الدولة وحرصها على سلامة المواطنين،
وفي المقابل يبدو أن إجراءات الدولة تتجه نحو تحميل تبعات ذلك الجهل والتعنت للمواطنين وضمان لهفتهم لضمان قوت يومهم ولو على حساب السلامة الصحية الجماعية،
في المقابل تبدو أسئلة الشارع تتجاوز أجوبة أجهزة الدولة حين تستفسر عن مآل و آفاق ومستقبل هذا الوضع، والحال أن المواطنين يغيبون قسرا ان هذه الجائحة ليست شأنا وطنيا ولكن هي بمنطق الواقع أزمة دولية،
في دول العالم هناك إقبال على الجرعة الثالثة ،و بعدها فرض الجواز الذي مكن دولا مثل الأتحاد الأوربي من العودة إلى الحياة الطبيعية تدريجيا، و رغم ان ذلك لم يمنع من انتشار متحور الفيروس بنسب كبيرة ولكن بأثر محدود في عدد الوفيات،
إجراء فرض الجواز ووجه بحملة مسعورة تناولت الموضوع من زواية حقوقية غير مبالية بالوضع الصحي و الفهم الدولي المبهم لتطور الوباء ،
نحن اليوم أمام وضع ملتبس، بين دولة توفر اللقاح في جرعته الثالثة ،و هو إجراء وقائي، و مواطنين يستفسرون عن دواعي تلك الجرعة مادامت لا تقي من الأصابة بالمتحور،
لكن الفاطنين والواعين بطبيعة الوباء يرون ان اللقاح الثالث هو أفضل من عدمه من حيث الوقاية والآثار الجانبية،
لقد تجاوز المغرب مليون مصاب، لكن عدد الوفيات لم يصل إلى عشرين ألف بكثير، وهذا يغذي القناعة بأن اللقاح ليس له معنا او جدوى،
في المحصلة، الدولة تريد وضع حد لحالة الطوارئ التي تخلخل ميزان الإقتصاد وتمس البنية الإجتماعية ، لكنها في المقابل تواجه تعنت مواطنين فقدوا الثقة في جدوى اللقاح،
و الدولة بمنطق تدبيرها لا يمكن أن ترفع حالة الطوارئ، و في الوقت نفسه لا تجد مبررا لفرض إجراءات قد تواجه بعصيان مدني ولو ضد مصلحة الوطن و المواطنين ،
لن امل ولن يمل كل غيور على البلاد بدعوة المواطنين لتناول الجرعة الثالثة، فهي ليست علاجا بل وقاية ولو بدت غير مضمونة النتائج،
مشكلتنا انتا ننتقي التأثيرات علينا بخصوص تطور الوباء، فلا نبالي مثلا بتزايد الحالات دوليا ،ولكن نجدنا مؤمنين ببعض الحملات المشككة في الإجراءات الإحترازية ،وفي نجاعة اللقاح ،وحتى في الإعتراف بوجود وباء يهدد الكون و الكائنات،
لقحوا أنفسكم بكل الجرعات، و إن أقتنعتم بغير ذلك، فإنتظروا مصيركم بكل إيمانكم بأن الأمر في الأول والأخير لله،
لكن لا تنسوا ان قراركم هو سبب رئيسي يجعل الدولة تمارس إجراءاتها الإحترازية التي تمس السير الطبيعي لحياتكم و ليس أمامكم خيار غير القبول بها، لأن الدولة تتحمل مسؤوليتها في حماية مواطنيها، لكن بحكم طبيعة الوباء يصعب عليها ان تحمي بنية المجتمع ، مادام مجتمعنا بدأ يفكر خارج منظومة قوانين الدولة.
بادروا إلى التلقيح ،ولو بدى لكم غير مجدي، فهو احسن من عدمه، و هو على الاقل إذا لم يحميكم من الوباء، فهو عامل يجعل الدولة تنهي حالة الطوارئ لتعود قطاعات لإنتعاشها،
فمن تعاندون؟ وبأي منطق تفكرون؟
و في الأول و الاخير :
هل تعتبرون؟
مناقشة هذا المقال