راى الفنان و الخطاط احمد البهاوي النور في قرية صغيرة تدعى ادبها التابعة لجماعة تيغمي و ذلك سنة 1954..و لظروف اجتماعية قاسية نزحت الاسرة الى تيزنيت و هو لايزال طفلا صغيرا؛ استقرت الاسرة في بيت صغير بزنقة اقشوش..
يتذكر البهاوي عن هذه المرحلة،ان تيزنيت كانت تعيش على وقع الاحتفالات بالاستقلال و جلاء الاستعمار الفرنسي،كانت ساحة المشور تشهد عروضا موسيقية و مسرحية تخلد هذا الحدث الوطني..
يتذكر البهاوي كيف تولد عشقه للمسرح مبكرا و ذلك حين انسل من قبضة امه في ساحة المشور وسط الحشود و اقترب من خشبة العروض و ظل يتابع عرضا مسرحيا ذا طابع وطني ، يتذكر ان العرض فيه مشاهد ساخرة من الاستعمار، و انه تابع العرض بانبهار شديد ، و ظل مشدودا الى الخشبة حتى بعد انتهاء العرض،و لم ينتبه الى ان الجمهور غادر الساحة و لم يبق غير نزلاء الخيرية بزيهم الموحد يتاهبون للعودة الى دار الطالب..
تحول انبهاره من العرض المسرحي الى نزلاء الخيرية،اعجبه زيهم الكاكي الموحد و نظامهم و انضباطهم و خطواتهم الشبيهة بخطوات العسكر ،فلم يتردد في السير خلفهم بنفس الايقاع ، و هو يحاول ان يردد تلك الشعارات التي تصدح بها حناجرهم،كانت شعارات تمجد الاستقلال و الملك الراحل محمد الخامس،و شعارات تدعو لسقوط بن عرفة و كل الخونة..
يتذكر البهاوي ان طابور نزلاء الخيرية لم يتوقف إلا في ايكي واسيف حيث مقر دار الطالب/ الخيرية ؛ هناك انتبه الى وجوده احد الاداريين و يدعي النظيفي، و بدا في استفساره عن اسمه و سكناه و عن سبب مرافقته لنزلاء الخيرية ؛ ابدى البهاوي الطفل رغبته في البقاء مع النزلاء،و رفض العودة الى البيت؛ وفيما بعد ستعثر عليه والدته بعد ان ظلت تبحث عنه و تسال عن مكانه، وبعد حديث مع ادارة الخيرية ،و امام اصرار الطفل على البقاء ،اقتنعت الام و سمحت لابنها بالبقاء هناك،خاصة وان الام تعيش ظروفا صعبة لإعالة صغارها و تضطر للعمل خارج البيت لتوفير حاجيات الاسرة..فيما بعد سيلتحق ابنها الثاني بابنها الصغير في الخيرية و ذلك بتشجيع من هذا الاخير..
في الخيرية ستتفتق مواهب الطفل البهاوي،مواهبه في المسرح و الغناء،و سيشارك في بعض العروض المسرحية، مثل عرض “شمس العشية” في ساحة المشور رفقة بعض الممثلين و الممثلات مثل لطيفة اجبابدي..
كما يصف فرحته باول بدلة تسلمها من ادارة الخيرية ،و باول حذاء رياضي و كيف كان حريصا عليه،و انه كان يخبئه تحت الوسادة حتى لايسرق منه،و كيف يحرص على نظافة زي الخيرية الموحد ..
فيما بعد انتقل مقر دار الطالب/ الخيرية من إيكي واسيف الى الراميقي قبالة باب اكلو… من هناك سيواصل الطفل احمد البهاوي مسيرته الدراسية و الفنية ،مسيرة فنية تؤكد المقولة الشائعة بان الابداع يولد من رحم المعاناة…(مقتطف من حديث طويل و شيق مع الفنان احمد البهاوي) تحدث اليه حسن إدحجي.
مناقشة هذا المقال