تعتبر الطوبونوميا او علم أسماء الأماكن من بين العلوم المستجدة في حقول المعرفة الإنسانية الجديدة. علم بات مع مرور الوقت يوسع لنفسه رقعة اشتغاله مما جعله يحضى بأهمية قصوى في دراسة تاريخ ولسانيات ما باث يعرف عالميا بالثقافات الهشة، ومنها الثقافة الأمازيغية المهددة بالاندثار بسبب سياسات تعليمية اقصائية سنتها حكومات البلد بعد الاستقلال، مما ادى الى تراجع استعمال اللغة الأمازيغية في كل المجالات وعلى كافة الاصعدة. بل اكثر من هذا لاخظنا في الاونة الأخيرة محاولات جادة لقرصنة الرصيد المعرفي والثقافي والفني للمنظمومة الثقافية الامازيغية من طرف ثقافات وافدة على المنطقة ومنها منطقة تينيري اوالصحراء الغربية الامازيغية المغربية. هذه الرقعة الجغرافية التي كانت قبل القرن الرابع عشر منطقة انتاج القيم والمعارف الامازيغية المختلفة عرفت انكسارا كبيرا ابتدا من المرحلة الاستعمارية التي قسمت المنطقة بين نفودين، النفود الاسباني والفرنسي بعد أن افلحت فرنسا وخليفتها اسبانيا في ابعاد بريطانيا العظمى من المنطقة وخاصة منطقة كاب جوبي او طرفاية الحالية. هذا الانكسار الثقافي اخدت شكل الغنيمة والسطو والتدجين الذي يميز منظومة ثقافية معروفة بالشح على مستوى الانتاج الرمزي ولتعويض ذلك النقص لجأت في البداية الى استعارة كل المعارف الثقافية والقيم وأساليب وتقنيات العيش من الثقافة الاصلية والتي هي تقافة أمازيغ الصحراء المعروفة بعمقها ونضجها وتطويرها لوسائل الإنتاج على خلاف البدو الوافدين الذين كما اسلفت القول ينتمون الى تقافة بدوية تتميز بالشح على مستوي الإبداع والابتكار. ويعتمدون على الغير في انتاج كل ما يلزمهم من أساليب وتقنيات تذبير المجال، وخاصة المجال الصحراوي الاطلنتيكي الذي يختلف عن المجالات الصحراوية الاخرى. ومن بين ما استعاره البدو من أمازيغ الصحراء نجد الملبس ونخص بالذكر هنا أدراع نسبة الى واد درا الذي ينبع من جبال أعالي الاطلس الكبير الشرقي ويصب في المحيط الاطلسي الصحراوي المغربي،اضافة الى الموسيقى وألات العزف ومنها تيدنيت التي مازال التوارگ يعزفون عليها ألحانهم العذبة والسجية، اضافة الى تاگدورت التي عربت الى الگدرة، بل اكثر من ذلك حين يطلب فرد ما من دوي حسان ان يطربه واخد من إيگاون يقول زوني Zawwani أي أطربني، وازوان كذلك كلمة امازيغية من لغة إيموهاغ و ايماشاقن الذين هم الطوارق. كما نجد ألآت موسيقية أخرى وأوزان أمازيغية نسبة قسرا الى دوي حسان ومنها وزن ايمطاون المعروف لذيهم بوزن البكاء الذى يستعمل عند أمازيغ الصحراء في رتاء الأموات، ومن المعروف لذى الامازيغ انهم لا ينحبون ولا يفرطون في بكاء أمواتهم على اعتبار الموت مجرد مرحلة بين حياتين حياة الدنيا وحياة الخلود. ولذلك فالامازيغ لا يقولون ايموت ويعوضونه بايدا Idda وهو فعل يفيد الانتقال من مكان الى آخر ويوازيه في العربية فعل ذهب. اضافة الى أسماء عناصر ومكونات الخيمة وأجزاءها، علاوة على دهاز العروس وكيمياء الالوان التي كلها أسماء أمازيغية ومنها ايزرگيين وهم قبيلة من قبائل الصحراء. اضافة الى أسماء الحيوانات البرية من سباع وضباع وغيرها، كما تجدر الإشارة كذلك الى مسألة معجم الحشرات وحالات الطقس والمرض مثل أگندي التي كلها مفردات أمازيغية دون ان ننسى مصطلحات الحرب ومنها أفگاريش التي هي أفگروش والتي تعني الشجاعة باللغة الامازيغية، وأرگاج التي تعني الرجولة. هذا دون الحديث عن معجم التشكيلات الجيومورفولوجية التي كلها أمازيغية ومنها أگرگر الذي حرف الى الكركرات او گرگرات. لكي لا أطيل، تعتبر طبونوميا الصحراء أكبر دليل ان لم نقل ديوان أمازيغية الصحراء، ديوان يهبرنا ان الارض تتكلم أمازيغية وهذه النماذج المرفقة والاي توجد على المحور الطرقي الرابط بين مدينة الداخلة والاراضي الموريتانية لأكبر دليل على صحة ما ذهبنا اليه. وختما اعتقد ان أطروحة تأسيس جمهورية وهمية فوق اراضي أمازيغية يمكن مواجهتها باضافة مستويين إضافييين لا يقلان أهمية عن المجابهة السياسية والدبلوماسية، وهما البحث العلمي الرصين في مجالات الصحرا، اضافة الى تعميم إجراء فحوص ADN لكي يعرف المغاربة ومنهم المحتجزين في مخيمات تين ضوف انهم أمازيغ وتختلف خريطة جيناهم على مثيلاتها في الشرق الأوسط، حينها سيكتشفون انهم ضحايا أكبر عملية تدليس في تاريخ البشرية لانهم يدافعون عن مشروع عرقي يعاكس حقيقة هويتهم الخصارية.
الحسين بوالزيت
صحفي وباحث في التاريخ
مناقشة هذا المقال