بقلم ابراهيم وزيد.
بعد موت “اتحاد المغرب العربي” في شمال افريقيا، كنتيجة مباشرة لاحتضار الفكر القومي وتراجعه في المشرق العربي، ظل التكامل بين الدول المغاربية منعدما الى اليوم، علما أنه يمكن أن يختصر على بلدان المنطقة سنين كثيرة من السعي نحو التقدم وبالتالي خلق تكتلات سياسية كبرى..
هذا الوضع دفع كل دولة مغاربية الى البحث عن حليف لها من المجموعات الاقتصادية العالمية في الشرق الأوسط أو افريقيا جنوب الصحراء، وهو ما جعل الاقتصاد والرأسمال قبل السياسة، يطغى على توجهات الكثير من الدول المغاربية.. وهكذا شرع المغرب في الانضمام أو محاولة الانضمام الى تكتلات إقليمية أخرى، سواء داخل القارة الافريقية ومنها “المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا”، رغم أنه لم يستطع وضع حد لتحفظات كثير من الدول مما اعتبروه “أطماعا اقتصادية مغربية”.. أو خارجها بالقارة الأسيوية، حيث استجابت بلادنا لنداء نادي الملكيات العربية في المشرق (مجلس التعاون الخليجي) لكن المغرب وجد نفسه في أتون حرب اليمن، التي لا مصلحة له في التورط فيها.. كما وجد نفسه أيضا، في متاهة الخلافات البينية الخليجية، حيث لا يقبل منك أطرافها التموقع في الوسط..
وبعد سقوط مفهوم القضية الفلسطينية وسبل تحريرها، نتيجة تغير بعض الرؤى القومية في الشرق العربي، أخذ كل بلد مغاربي يبحث عن علاقة مع اسرائيل، في زمن تعاظمت المصالح الاقتصادية والأمنية مع الكيان الصهيوني، وكانت موريتانيا أول دولة فتحت سفارة لاسرائيل وطبعت علاقتها معها.. ثم تبعها المغرب مؤخرا، بعد توقيع صفقة الاعلان الثلاثي المشترك مع اسرائيل وأمريكا، رغم عدم وجود مؤشرات مطمئنة ومشجعة، على أنها ستكون في صالحه، نظرا لكون اسرائيل في الفضاء المتوسطي تعتبر منافسة للمغرب في ميادين الفلاحة والنسيج والسياحة بل هي أكثر تطورا منه، وحتى الدفوعات المرتبطة بجلب السياح الاسرائيليين تبقى دفوعات قاصرة، باعتبار أن السوق الاسرائيلي صغيرة وليست قوية (9 ملايين نسمة) أما التعاون في الميدان الفلاحي والتكنولوجي فأمر مثير للشك، إذ لا يمكن أن تجازف اسرائيل بأي تعاون يمكن أن يهدد صادرتها الفلاحية ( الصادرات الفلاحية الاسرائيلية مشابهة لنظيرتها المغربية) ويبقى التعاون التكنولوجي من باب الاستغباء المحظ، إذ لا يعقل أن تقبل اسرائيل تصدير التكنولوجيا، وهي أهم أسرار تفوقها بالشرق الأوسط، الى أي دولة عربية أو اسلامية، ولو وصلت علاقاتها معها أطوارا متقدمة..
يشار أن فكرة توحيد بلدان شمال افريقيا ككيان سياسي، ظهرت في أوساط الجالية الشمال افريقية (الجزائرية والمغربية والتونسية) بفرنسا في عشرينات القرن الماضي، بعد تأسيس منظمة “نجم شمال افريقيا” في العام 1926
مناقشة هذا المقال