في إطار مداخله أمام مجلس النواب يوم الإثنين 04 ماي 2020 قام وزير الشغل والإدماج المهني محمد أمكراز بعرض استراتيجية وتدخلات قطاع الشغل والإدماج المهني في المجهود الوطني للتصدي لجائحة كورونا كوفيد19 وكان تدخله بتصرف على الشكل التالي :
… يسعدني أن ألتقي بمجلسكم الموقر مجددا، للتفاعل مع أسئلتكم وانشغالاتكم، والتداول جميعا في قضايا بلادنا المتعلقة اساسا بتدبير الازمة التي خلقتها جائحة كورونا كوفيد 19 من جانب مسؤوليات واختصاصات قطاع الشغل والإدماج المهني، وكذا الإجراءات والتدابير التي اتخذتها بلادنا في هذا الشأن بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله.
ولكن اسمحوا لي أولا أن أستغل المناسبة لأتقدم بالتهنئة لجميع العاملات والعمال المغاربة، المستخدمات والمستخدمين، الموظفات والموظفين، بمناسبة حلول الذكرى السنوية لعيد الشغل.
… لقد عرضت هذه الجائحة العالمية جل دول المعمور لمخاطر جمة إن على المستوى الصحي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، حيث أورد مرصد منظمة العمل الدولية في تقرير خاص بعنوان “جائحة كوفيد 19 وعالم العمل” صدر بتاريخ 29 أبريل 2020، أن نسبة العمال الذين يعيشون في الدول التي يوصى فيها أو أضحى إلزاميا إغلاق مقرات العمل فيها، بلغ نسبة 68% وهذه النسبة تراجعت بعد أن كانت 81% بسبب عودة المقاولات للاشتغال في الصين بعد رفع إجراءات الإغلاق . كما أنه إلى غاية 22 أبريل الماضي، 81% من المشغلين و %66 من العمال المستقلين عبر العالم يعيشون في الدول التي يوصى فيها أو أضحى فيها إلزاميا إغلاق مقرات العمل، مع تسجيل آثار وخيمة لذلك على الدخل وفرص الشغل، حيث تم إحصاء أكثر من 436 مليون مقاولة عبر العالم معرضة لمخاطر ولاضطرابات كبيرة.
وباعتبارها من بين أكثر الفئات هشاشة في سوق الشغل، يتأثر ما يقرب من 1.6 مليار عامل في الاقتصاد غير المهيكل عبر العالم، بشكل كبير من تدابير الحجر الصحي أو العمل في القطاعات الأكثر تضرراً وتشير التقديرات إلى أن الشهر الأول من الأزمة أدى إلى انخفاض دخل العمال في القطاع غير المهيكل في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، بأكثر من 81 % متجاوزا بذلك المعدل العالمي المحدد في 60%.
كما يتوقع التقرير أن يكون التراجع في ساعات العمل في الربع الثاني من سنة 2020 أسوأ بكثير من التقديرات السابقة، حيث من المتوقع أن يصل التراجع إلى 10.5% مقارنة مع بيانات الربع الرابع من سنة 2019 (أي 305 مليون وظيفة بدوام كامل تقريباً، باعتبار 48 ساعة عمل في الأسبوع)، بينما كانت توقعات مكتب العمل الدولي للتراجع في حدود 195 مليون وظيفة بدوام كامل.
اسيدات والسادة النواب المحترمون
منذ ظهور الآثار الأولى لتفشي فيروس كورونا المستجد في بعض الدول ، سارعت الحكومة بتوجيهات سديدة من صاحب الجلالة حفظه الله إلى اتخاذ جميع الإجراءات الاستباقية الضرورية لمنع تفشي الوباء في بلادنا وإعطاء الأولوية لصحة وسلامة المواطنات والمواطنين كأولى الأولويات، حيث كنا من بين الدول السباقة إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية والاحترازية الاستثنائية، وفرض حالة الطوارئ الصحية في كافة التراب الوطني،
وهي مناسبة أخرى، أن أحيي فيها عاليا جهود كافة أطر ومهنيي الصحة بالقطاع العمومي، مدنيين وعسكريين، وكذلك بالقطاع الخاص، الذين يتواجدون في الصفوف الأمامية لمواجهة هذه الجائحة، كما أحيي عاليا كافة الأجهزة الأمنية بمختلف أنواعها والقوات المسلحة الملكية والوقاية المدنية وإدارة السجون والسلطات المحلية والمنتخبين، وكل أطر وموظفي القطاعات العمومية وأخص بالذكر رجال ونساء التعليم، وكذا مستخدمي وأجراء القطاع الخاص، على ما يقومون به كل من موقعه للمساهمة في إنجاح الخطوات التي اتخذتها بلادنا لوقاية المواطنين من خطر انتشار هذا الوباء.
لقد كان لاختيارات بلادنا في هذا الشأن كلفته الاقتصادية والاجتماعية على الخصوص، ومن أجل التخفيف من تداعياتها أعطى جلالة الملك تعليماته السامية للحكومة قصد الإحداث الفوري لصندوق خاص لمواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجائحة، وهو الصندوق الذي أقبل على المساهمة فيه بشكل تلقائي ومكثف مختلف المؤسسات الرسمية والحكومية والمنتخبين، والهيئات الحزبية والنقابية، والفاعلين الاقتصاديين وعدد من الفعاليات المدنية والإعلامية والجمعوية وعموم المواطنين على حد سواء .
وقد اتخذت الحكومة جملة من القرارات والتدابير لفائدة الأجراء والمقاولات، لا سيما المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا، والمهن الحرة التي تواجه صعوبات بسبب تداعيات هذه الجائحة، كما اتخذت مجموعة من القرارات لدعم الأسر العاملة في القطاع غير المهيكل، والتي تضررت بفعل تقلص أو توقف النشاط الاقتصادي جراء جائحة فيروس كورونا.
فهـــــــــكذا تم اقرار :
تخصيص تعويض شهري جزافي قدره 2000 درهم لفائدة الأجراء والمستخدمين بموجب عقود التكوين من أجل الإدماج، المنتمين للمقاولات المنخرطة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي تواجه صعوبات، والمصرح بهم لدى الصندوق المذكور برسم شهر فبراير 2020، ويهم هذا التعويض الفترة الممتدة من 15 مارس إلى 30 يونيو 2020 (مع الإشارة إلى أن التعويض خلال الفترة الممتدة من 15 إلى 31 مارس 2020 قد تم تحديده في 1000 درهم على أساس أداء المشغل لأجور المستخدمين برسم النصف الأول من شهر مارس)، مع تبسيط مساطر التصريح، بحيث يمكن القيام بالتصريحات أسبوعيًا ابتداء من أبريل 2020.
الاستفادة من خدمات التغطية الصحية الإجبارية (AMO) والتعويضات العائلية برسم نفس الفترة الزمنية بالنسبة للمسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
إقرار الإعفاء من الضريبة على الدخل لكل تعويض صُرِف لفائدة المأجورين المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من طرف مشغليهم في حدود 50 في المئة من الراتب الشهري الصافي المتوسط ، كما أننا بصدد إعداد قرار في مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لإعفائه كذلك من وعاء الاشتراكات المعتمد من قبل الصندوق .
تخصيص دعم مالي مباشر لفائدة المشتغلين في القطاع غير المهيكل حيث ثم دعم الأسر المتضررة بمبالغ تراوحت بين مبلغ 800,00 درهم و 1200,00درهم للأسرة الواحدة حسب عدد افرادها .
وكما تعلمون فقد أعدت الحكومة القانون رقم 25.20 بسن تدابير استثنائية لفائدة المشغلين المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والعاملين لديهم المصرح بهم، المتضررين من تداعيات تفشي جائحة فيروس كورونا”كوفيد-19″، والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 27 أبريل 2020 بعد استكماله لمسطرة التشريع.
وحماية لحقوق الأجراء والمستخدمين فقد حرص هذا القانون على التأكيد على استمرار العلاقة التعاقدية مع المشغلين من خلال اعتبار الفترة ما بين 15 مارس و30 يونيو 2020 في حكم فترة توقف مؤقت عن العمل وفق أحكام المادة 32 من القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، مع احتساب فترة التوقف كمدد تأمين من أجل تخويل الأجراء الحقوق المنصوص عليها في النصوص الجاري بها العمل وتحول هذه المدد إلى أيام باعتبار الشهر ستة وعشرين يوما.
كما صادقت الحكومة على المرسوم رقم 2.20.331 بتطبيق القانون 25-20 المذكور، والذي يحدد معايير وشروط اعتبار المشغل في وضعية صعبة جراء تأثر نشاطه بفعل تفشي جائحة فيروس كورونا “كوفيد-19″، والمنشور هو الآخر في الجريدة الرسمية ليوم 27 ابريل 2020، وقد تم تحديد هذه الشروط والمعايـيـر فيما يلي :
• أن يكون قد توقف مؤقتا عن مزاولة نشاطه بموجب قرار إداري بسبب جائحة فيروس كورونا “كوفيد-19″؛
• أو أن يكون رقم أعماله المصرح به قد انخفض بنسبة لا تقل عن 50٪ برسم كل شهر مقارنة برقم الأعمال المصرح به خلال نفس الشهر من سنة 2019، على ألا يتعدى المتوقفين مؤقتا عن عملهم بسبب هذه الجائحة، 500 فردا.
كما نص المرسوم على أن المقاولات التي تتجاوز 500 فردا متوقفا عن العمل، أو إذا انخفض رقم الأعمال المصرح به بنسبة تتراوح بين %25 وأقل من %50، فإن طلب المشغل المعني يعرض على لجنة مخصصة لدراسة هذه الملفات.
أما بالنسبة للمشغل الذي شرع فعليا في مزاولة نشاطه خلال الفترة الممتدة من شهر ماي 2019 إلى غاية شهر فبراير 2020، فتتم مقارنة رقم الأعمال المصرح به برسم كل شهر من اشهر أبريل وماي ويونيو 2020، بالمتوسط الشهري لرقم الأعمال المصرح به خلال فترة النشاط السابقة لشهر مارس 2020.
وحرصا من الحكومة على عدم استغلال الجائحة لتسريحات أو تجاوزات في حق الأجراء نص مشروع المرسوم على تحديد “بقرارات إدارية” لوائح القطاعات والقطاعات الفرعية التي ليست في وضعية صعبة والملزمة بمواصلة الاشتغال .
وقد صرحت برسم شهر مارس، عبر البوابة الإلكترونية التي أحدثها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لهذا الغرض، 131955مقاولة من أصل 216 ألف مقاولة منخرطة في الصندوق إلى غاية فبراير 2020 أي بنسبة 61% ما يعني أن مقاولتين من أصل 3 مقاولات تقريبا صرحت بتضررها من تداعيات كورونا، كما بلغ عدد الأجراء المتوقفين عن العمل مؤقتا 808199 أجيرا من أصل مليونين و600 ألف أجير، أي أن أجيرا من أصل ثلاثة توقف عن العمل.
بينما بلغت تصريحات شهر أبريل ما يزيد عن 900.000 أجير مصرح بتوقفهم مؤقتا عن العمل ينتمون إلى ما يزيد عن 134.000 مقاولة .
هذا يعطي صورة تقريبية عن حجم الضرر الذي أصاب المقاولة الوطنية والشغيلة جراء تداعيات هذه الازمة .
السيدات والسادة النواب المحترمون
لقد اتخذت وزارة الشغل والإدماج المهني عدة إجراءات لمواكبة الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمؤسسات الخاضعة لتفتيش الشغل بما فيها المؤسسات التي تأثرت بهذه الأزمة أو تلك المحتمل تأثرها بتداعيات جائحة كورونا حيث تم تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية من قبل مفتشي الشغل للوقوف على مدى احترام المشغلين والأجراء للتدابير الاحترازية للوقاية من تفشي هذا الوباء، ومواكبتهم لتفعيلها مع اقتراح حلول تساعد على التخفيف من حدة الأزمة.
وقد انصبت جهود مفتشي الشغل على ضمان استمرار نشاط المقاولات والحفاظ على مناصب الشغل مع مراعاة الشروط الاحترازية، من خلال تشجيع المشغلين على تمتيع الأجراء بعطلة إدارية قبل أوانها أو منحهم رخص استثنائية، وتشجيع العمل عن بعد أو بالتناوب للتخفيف من حدة الاكتظاظ بمقر العمل، والسهر على احترام جميع شروط الصحة والسامة داخل فضاءات العمل .
وقد شملت الزيارات المنجزة لهذه الغاية خلال الفترة الممتدة من 13 مارس إلى 15 أبريل 2020، ما مجموعه 6.761 مؤسسة.
وفي هذا الصدد ومن أجل مساعدة الأجراء والمشغلين على الإحاطة بحقوقهم والتزاماتهم خلال هذه المرحلة أعدت الوزارة عدة دلائل تتضمن إجابات عن الأسئلة المحتملة لتدبير ظروف العمل في ظل الوضع الاستثنائي المتعلق بخطر تفشي فيروس كورونا المستجد ، اضافة الى دلائل اخرى تخص التدابير الاحترازية الواجب احترامها سواء بشكل عام أو تلك الخاصة ببعض المهن والوظائف داخل المقاولات.
و قصد مراقبة أماكن العمل والوقوف بحزم، على مدى احترام الاجراءات الاحترازية وشروط الصحة والسلامة مع رفع تقارير يومية عن ذلك، تم إحداث لجنة يقظة على المستوى المركزي وذلك بجعلها في حالة انعقاد مستمر مع تعبئة شاملة لمختلف مصالح الوزارة، وتشكيل لجان يقظة جهوية وإقليمية بالتنسيق مع السلطات المحلية والمصالح الخارجية للقطاعات المعنية.
وفي نفس الإطار وتلافيا لظهور حالات إصابة داخل الوحدات الإنتاجية والخدماتية التي استمرت في نشاطها، وضعت كل من وزارة الشغل والادماج المهني ووزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي والأخضـر، مسطرة مشتركة لتتبع والتحقق من مدى احترام هذه المقاولات للتدابير الاحترازية التي أقرتها السلطات العمومية لمواجهة فيروس كورونا.
وتبعا لذلك تم تنظيم زيارات مشتركة بين مصالح الوزارتين على مستوى المصالح اللاممركزة وفق جدولة زمنية متفق عليها بين الطرفين، كما تم إرفاق هذه المسطرة بملحق يتضمن التدابير الاحترازية الواجب التحقق من احترامها من لدن المقاولات.
وخلال الأسبوعين الأخيرين أي منذ 15 أبريل تم إحداث لجان إقليمية بتنسيق من مصالح وزارة الداخلية على مستوى العمالات والأقاليم وتضم ممثلين عن وزارة الصحة ووزارة الشغل والإدماج المهني ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي والاخضر وممثلي المصالح الأمنية لمراقبة مدى احترام المقاولات التي لازالت تواصل عملها أو تلك التي استأنفت نشاطها للإجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة للتصدي لهذا الوباء، وقد اعتمدت هذه اللجان في عملها على أهم التدابير المتضمنة في المسطرة المعدة بين الوزارة ووزارة الصناعة والتجارة المذكورة أعلاه.
وقد بلغ عدد المؤسسات التي نظمت لها زيارات ميدانية من طرف اللجان المشتركة وكذا من طرف أعوان تفتيش الشغل، برسم الفترة الممتدة من 15 إلى 23 أبريل 2020، ما مجموعه 2.259 مقاولة.
كما أسفرت هذه العملية عن إصدار قرارات بإغلاق 10 مقاولات تشغل 9764 مستخدما، بسبب عدم احترامها التدابير الاحترازية وظروف العمل الآمنة لمستخدميها.
كـمـا تم إحداث منصة هاتفية جديدة من طرف وزارة الشغل والإدماج آلو2233 المهني خاصة بالتواصل وتقديم النصائح والتوجيهات والإرشادات وتلقي الشكايات الخاصة بالأجراء وأرباب العمل فيما يتعلق بالصحة والسلامة وذلك بوضع رهن إشارتـهم أطر الوزارة من مفتشين وأطباء شغل وذلك بتنسيق مع المعهد الوطني لظروف الحياة المهنية، سيتم إطلاقه رسميا ابتداء من يوم غذ إن شاء الله .
وبمناسبة اليوم العالمي للصحة والسلامة الذي يصادف 28 أبريل من كل سنة، والذي اختارت له منظمة العمل الدولية شعار “أوقفوا الجائحة: السلامة والصحة في مكان العمل يُمكن أن تُنقذ الأرواح” تم تنظيم ندوة علمية دولية توجيهية عبر تقنية التواصل عن بعد موضوعها تدابير الصحة والسلامة في أماكن العمل لمواجهة جائحة كوفيد 19.
السيدات والسادة النواب المحترمون
اسمحوا لي في نهاية كلمتي ، أن أغتنم الفرصة لأخص بالشكر والتقدير لأعوان تفتيش الشغل ، من مفتشين واطباء ومهندسين وكذا مسؤولي ومستخدمي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكذا مسؤولي و مستخدمي المؤسسات العمومية الأخرى تحت وصاية الوزارة، على ما يبذلونه من جهد استثنائي في هذه المرحلة الاستثنائية، التي تعيشها بلادنا إلى جانب باقي الجهود الوطنية الهادفة لكسب رهان تخطي هذه الأزمة بنجاح تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مناقشة هذا المقال