في إطار نوستالجيا الذكريات الجميلة للزمن الدهبي لجيل الستينات والسعبعينيات والتمانينيات القرن الماضي يرجع بنا الصديق والأستاذ ابراهيم المرابط عبر تدوينته بشبكة التواصل الاجتماعي ولأهمية ما يكتبه لحفظ الذاكرة نحن كإدارة الموقع نعيد نشر هذه التدوينات بعد اخد الادن منه ومع إحداث بعض التعديلات البسيطة على الشكل وليس المضمون وهذه قصة اليوم حول العنوان اعلاه :
في صيف 1999, كانت قاعة الإنتظار ببهو مستعجلات مستشفى الحسن الأول الإقليمي مكتظة بالمرضى بسبب صغرها، بضع أمتار مربعة، كراسي خشبية باردة و دورة المياه (بيت الماء) تزكم الأنوف. في الركن الآخر كونطوار إسمنتي، ورائه ممرض ضارب في السن، بشارب كبير ووجه أحمر،كان متجهما و يستقبل المرضى ببرودة، كان يلبس مريلة بيضاء على معطف جلدي أسود، كان هذا المنظر مضحكا. إلا أنني علمت أنه مستعد لليلة مليئة بالمفاجئات المفجعة من حوادث سير ومصائب أخرى.
ما لاحظته هو يده اليمنى التي تعلوها بقع بيضاء من البرص و في أصبعه خاتم كبير من الفضة بحجر أخضر، و يمسك قلم “بيك” بطريقة غريبة.
أول ما يسأل عنه هو البطاقة الوطنية. يسجل المرضى و يغادر إلى داخل المستعجلات لفترة ثم يظهر ثانية لتسجيل الوافدين، كانت القاعة الصغيرة المواجهة لشارع الصبيحي مكانا يشهد على معانات المرضى الوافدين من مدينة تيزنيت و النواحي.
في قاعة الإنتظار أناس بسطاء ينتظرون دورهم، هناك أمهات يحملن صبايا لا يتوقفون عن السعال. دخلت سيدة في سن الأربعين أو ما فوق، حامل و هي تشد خاصرها من الألم، فقيرة بملابسها البسيطة. لماذا يكثر الفقراء من الإنجاب؟ قال الكاتب الروائي الإيرلاندي جورج أورويل يوما : الأغنياء يزيدون غنا و الفقراء يزيدون أطفالا! هه.
كان الحاج العربي الممرض المساعد للطبيب يظهر أحيانا و يتفقد المرضى ثم يغيب وراء الباب الخشبي الذي يصدر صداعا عند فتحه أو العكس. دخلت سيدة في الأربعين من عمرها، يكسو جسمها لحافا بنفسجيا خفيفا. كانت الليلة حارة في شهر يوليوز، درجة الحرارة تزيد على الثلاثين. جسمها مكتنز و وجهها لا يبدو على أنها مريضة. عند و صولها تقدم الحاج العربي الممرض بلقائها و أرشدها إلى مكتب الطبيب بدون حياء. كان المرضى ينظرون ولا يستطيعون أن يقوموا بأية ردة فعل.
في مكتب لا تزيد سعته على 9 أمتار مربع، طبيب شاب في العشرينات من عمره، ابن مدينة طنجة. أبوه الحاج عبد السلام، مؤدن المسجد في حي بني مكادة. جل شباب هذا الحي، إما بائعي الحشيش أو في تجارة الهجرة السرية.
ناضل الحاج عبد السلام أن يكون عادل التلميذ، مثابرا في المدرسة و يتبوئ الدرجات الأولى في الدراسة. لأن الحاج عبد السلام فقد ابنه الأول غرقا في محاولة للهجرة إلى إسپانيا، و الثاني أصبح متسكعا في ساحة سور المعݣازين، حالما إلى المرور إلى الضفة الأخرى.
عادل الطبيب، الشاب الأنيق، نحيل البنية ذو لحية شهباء قصيرة.
استقبل المريضة للة مليكة. قدمها له الحاج العربي الممرض المخضرم المعروف برشاويه و مغامراته. استعطف الطبيب أن يولي المريضة رعاية خاصة. كانت قاعة الفحص بسيطة جدا. سرير طبي و بعض الآليات الطبية البسيطة. كانت المريضة تشكو من مغص في المعدة. كانت تتكلم بإغراء. فحصها عادل و دون لها وصفة طبية كدواء لزيادة الأنزيمات المعدية.
بعد ليلة مضنية من فحص المرضى، و اتمام التقارير، عاد الدكتور عادل إلى شقته في بناية النصر على طريق أݣلو وصورة مريضته لم تفارق مخيلته. مازال يتذكر جسمها الجميل و همساتها.
مرت الأعوام و أصبحت العلاقة بين الحاج العربي و الطبيب عادل علاقة صداقة. استدرجه الممرض المرتشي إلى عالمه. ليالي حمراء و مجون. نسي عادل كل ما كان تعلمه من أباه عبد السلام من وقار و عفة. طغى عليه شيطان المال والجنس.
و في يوم من الأيام، عزم عليه الحاج العربي إلى عشاء نظمه مجموعة من الأصدقاء المولعون بالصيد في فندق تيزنيت المعروف بفندق بلخنفار ،كان هناك أشخاص من شتى المشارب، دخل عادل الفندق ببدلته الجميلة، حيى الجميع و اخد مكانه و ما لبت أن بادرته سيدة جميلة بالتحلية، قفز قلبه في صدره، إنها السيدة التي فحصها يوما ما.
كان يحلم بها لمدة سنتين و هاهي بين يديه، ارتبك للحظة ثم دعاها إلى الجلوس إلى طاولته. في لحظة أحس أنه أسعد إنسان في الدنيا، إلتقى الإنسانة التي كانت موضوع أحلامه كل هذا الوقت، كانت تقهقه كلما سألها عن شيء، كانت تأكل حبات الزيتون بشراهة و بطريقة مغرية.
عندما سألها عن مهنتها، ظانا أنها تعمل لجهة ما، فإذا بها تجيبه أنها تعمل هناك في الملهى.
تخلطت الأفكار في دهنه. أحبها في مخيلته و خلق لها عالما خاصا بها وإذا به يصعق بالحقيقة.
يتبع!!!
ليلة هادئة.
على أمواج أݣلو.
مناقشة هذا المقال