بقلم رضوان التجاني.
شاهدت اليوم – بعد 12 سنة من إنتاجه – فيلم “بُراق” للمخرج المغربي محمد مفتكر Mohamed Mouftakir و الذي اختار له عنوان Pégase بالفرنسية. و هو الفيلم الذي حصد باستحقاق عددا من الجوائز وطنيا و دوليا.
من الأفلام التي تخلق عند المتلقي الكثير من الأسئلة و الحاجة إلى التأويل و مساءلة التلقي نفسه. لذلك احتجت أن أعيد مشاهدته في نفس اليوم. و أعتقد أنها حالة عدد كبير ممن شاهدوه.
يبدأ الفيلم بعيني فتاة و عين حصان و ينتهي بالدعوة ل”حلي عينيك”. و بين البداية و النهاية يصعب أن نتكلم عن الحكاية أو الحكي بالمعنى المعتاد فإذا قيل في الفيلم مرتين “لا يهم أن نرسم ما نشاهده فالمهم أن نرسم ما نحسه” فأظن أن المخرج اهتم بنقل ما يحسه و ما تحسه شخصياته و اهتم بالبناء الجمالي أكثر من اهتمامه بترتيب تسلسل الحكاية التي ألفها الجمهور. هذا الاختيار يتعمق أكثر بالتركيز على الحركة المتواصلة في الزمان و المكان و على الحالة النفسية للشخصيات و الضغط الذي تعيشه من خلال الصورة و زوايا التصوير و الإنارة و الموسيقى و الديكورات و الحوارات المقتضبة … و كما صرح المخرج نفسه، فكأنه وضع الكاميرا في لاشعور الشخصية الرئيسية في الفيلم.
يحضر الحصان بكل رمزيته الاجتماعية و الأسطورية و الخرافية و الدينية و يحضر معه و يتماهى معه الأب بحمولته الاجتماعية و الثقافية التقليدية التي تكرس تمييزا كبيرا ضد المرأة لدرجة أن الأب يخفي جنس ابنته في القرية و يتعامل معها على أنها طفل ذكر و نكتشف أحداثا أخرى تمثل طابوهات في مجتمعنا مما يترسب في نفسية ريحانة التي يستقبلها مركز للعلاج النفسي في وضعية جد صعبة.
تتوالى مشاهد الفيلم و تتوالى معه الازدواجيات و التقابلات بخلفياتها التي يهتم بإيصالها المخرج للمتلقي بالمرموز : الذكر /الأنثى ؛ الأب /الحصان ؛ ريحانة /زينب ؛ النور /الظل … و حتى عنوان الفيلم لم يخرج عن الازدواجية التي يستعملها مفتكر. فهو بالفرنسية (Pégase أو بيكاسوس) يحيل على الأسطورة اليونانية (الحصان المجنح) في حين أن العنوان بالعربية (البراق) يحيل على المعتقد المرتبط برحلة الإسراء.
أكتفي بهاذا القدر و أتمنى فرجة ممتعة لمن سيعمل على مشاهدة هذا الفيلم الجميل.
مناقشة هذا المقال