يوم الأحد الماضي عرفت جماعة المعدر الكبير باقليم تيزنيت مسيرة حاشدة للتنديد باعتداءات الرعاة الرحل والرعي الجائر..
النزاع الحالي بين الساكنة المحلية والرعاة الرحل لم يعد مجرد نزاع كلاسيكي تعرفه المنطقة ويتجدد كل السنة، حيث من الممكن أن يأخد ابعاد أخرى بسبب اخطاء الدولة وعجزها عن تدبير هذا الملف..
الخطأ الأول أن وزارة الفلاحة روجت لتيزنيت كمنطقة رعي وجدب رعوي، و انخرطت أدرع جمعوية للأحرار في الترويج لمشروع المراعي الذي شيد على تراب المعدر بتمويل قطري، ولم يتردد انداك بدوره برلماني البيجيدي في اعلان تيزنيت عاصمة المراعي بالمغرب!..يعني تم التسويق جيدا للمراعي وتم صرف أموال طائلة على مشروع المراعي وعلى مهرجانات روجت للرعي بتيزنيت..وامام ارتفاع الأصوات الجمعوية ببادية تيزنيت منددة بالرعي الجائر عمدت الجهات الرسمية الى طرح قانون المراعي والذي قيل أنه سينظم تنقلات الرعاة الرحل..
الخطير في الأمر أن الرعاة الرحل الذين ينحدر بعضهم من المناطق الصحراوية يعتقدون ان أموال طائلة صُرفت هنا باسمهم وبسببهم في تيزنيت بدون أن يتم حل مشاكلهم مع الساكنة المحلية .. والاكثر خطورة أنه في السنة الماضية عمدت صفحات فايسبوكية دات ميول انفصالية إلى الركوب على هذا الملف بتأويلات مغرضة وشحن عاطفي عرقي للملف..
مشكلة الرعاة الرحل بسوس و تيزنيت لحد الآن لم يأخد نصيبه في الإعلام الوطني، ولم يتم الانتباه الى تداعياته المستبقلية على قيم العيش المشترك وامكانات توظيفه من طرف جهات معادية للوحدة الترابية..فحاليا لم يتم فتح المراعي التي تم تمويلها من طرف قطر والتي دشنها وزير الفلاحة اخنوش وواكبتها مهرجانات ضخمة.. ولحد الآن لم يتم تفعيل قانون المراعي… وللأسف لم يتم الانتباه إلى تداعية الملف الاجتماعية والأمنية..
ما المطلوب اليوم وفي هذه الظرفية الحساسة وطنيا لتدبير هذا الملف قبل الركوب عليه وتوظيفه من طرف جهات اخرى؟
أولا لجنة تقصي الحقائق برلمانية حول كل مشاريع تنظيم الرعي بسوس و تيزنيت ، ومساءلة وزارة الفلاحة وكل القطاعات المعنية بهذا الملف عن اوجه صرف الميزانيات الضخمة والتمويلات التي وجهت لمشاريع تنظيم الرعي والأنشطة الفنية التي واكبت بداية تسويق مشاريع المراعي بتيزنيت، والمسارعة الى تقييم ومساءلة كل مشاريع وزارة الفلاحة بتيزنيت …
اليوم في المعدر وفي العديد من مناطق سوس جمعيات تقوم بدورها في الوساطة الاجتماعية وتأطير الساكنة للدفاع عن حقوقها.. وننتظر أن يقوم البرلمانيون ( وخصوصا أعمو وبوغضن كابناء الإقليم ويعرفون جيدا حيثيات الملف) بدورهم في مساءلة ومحاسبة من يدبرون هذا الملف، وان لا تلجم تحالفات ظرفية في المجالس المنتخبة مسؤوليتهم السياسية والأخلاقية في ملف شائك يهدد قيم العيش المشترك.. لأنه ملف مفتوح على كل الاحتمالات والتوظيفات ..
مناقشة هذا المقال