هناك قاعدة تقول لتواجه عدوك يجب أن تدرسه، ومع الأسف الشديد في بلادنا المغرب وبحكم البعد الجغرافي لمنطقة الشرق الأوسط، لا نتوفر على محللين للشأن الإسرائيلي، لتمكين الشعب المغربي من معرفة واقع القضية من كل الجوانب،
حتى المهتمون بالملف يكتفون برصد الربورطاجات و البرامج والمقالات والكتب الصادرة من دور النشر الفرنسية،
ولأن هذا المقال يصعب ان يلم بكل جوانب الهيكل السياسي لدولة إسرائيل، فسنحاول في هذا الجزء عرض ما تم تجميعه عن اليمين الإسرائيلي والذي يمسك بزمام الحكومة هناك، لأن تطرف اليمين يجعله يواجه ما يسميه بالتنظيم الإرهابي حماس، و يتراشقان الصواريخ، فيما الإتفاقيات الثنائية بين فلسطين وإسرائيل ،وقرارات الأمم المتحدة يتم وضعها جانبا،
ويبدو ان الدول العربية التي تأمل في السلام تعلق الآمال على سقوط اليمين الإسرائيلي حتى تأتي حكومة قادرة على الوفاء بإتفاقية أوسلو،
وإلى حين حصول ذلك لا زال اليمين يمارس سياسة الإستيطان و الإحتلال بغطاء أمريكي.
يضم معسكر اليمين الحاكم كل الأحزاب التي تجعل مبدأ “أرض إسرائيل” ذا قيمة أعلى من مبدأ دولة ديمقراطية بأغلبية يهودية حاسمة، فهي ترفض الانسحاب من الضفة الغربية، وترفض تفكيك الاستيطان، بل وتدعو إلى تعزيزه،
وليس فقط الكتل الاستيطانية، كما تدعو إلى ضم الضفة الغربية بدرجات متفاوتة. يقف “الليكود” في مقدمة هذا المعسكر، وتبنى تاريخياً موقف الضد من أي انسحاب داخل فلسطين التاريخية، بل إنه (سلفه حيروت بالأدق) لم يتخلّ عن اعتبار الضفة الشرقية لنهر الأردن جزءاً من إسرائيل إلا أواسط الستينيات، كما رفض فكرة الانسحاب من قطاع غزة عام 2005، وهو ما اضطر أرئيل شارون إلى الانسحاب من الحزب، وتشكيل حزب كاديما. وأواخر عام 2017،
تبنى “مركز الليكود” ضم الضفة الغربية لإسرائيل، والعمل على تشريع ذلك في الكنيست، ويضم المركز كل قادة الليكود، ووزراءه، ونوابه، وأهم كوادره، وهو موقفٌ يعبر، بشكل ما، عن توجهات نتنياهو.
كان نتنياهو قد حاول الالتفاف على الضغوط الأميركية، وأعلن التزامه بحل الدولتين، أواسط عام 2009، في خطابه في جامعة بار إيلان، ولكنه عمل على إفشال خطة وزير الخارجية الأميركي الأسبق، جون كيري، عام 2014، وأكد، عشية انتخابات الكنيست العشرين، رفضه إقامة دولة فلسطينية
من الواضح وجود إنكار لمعظم حقوق الشعب الفلسطيني لدى هذه الأحزاب، وعدم استعدادها للوصول إلى تسويةٍ مقبولةٍ حتى لدى السلطة الفلسطينية، ويظل الرهان قائماً على الفعل المقاوم، الذي في وسعه أن يفرض معادلات مختلفة على الأرض، وفي عقل النخبة الصهيونية، كما حدث ذلك خلال الانتفاضة الثانية، حين تغير تفكير جزء من النخبة، بما فيها نخبة اليمين، ما دفعها إلى الانسحاب من قطاع غزة، وبلور استعداداً لديها لإخلاء أجزاء واسعة من الضفة الغربية حينها، كما تجلى ذلك في خطة الانطواء التي تبنتها حكومة إيهود أولمرت (2006 -2009) ،
خيار المقاومة تقوده حركة حماس في قطاع غزة ،وهو ما سيكون موضوع الجزء الثالث من هذه السلسلة.
وبخصوص بعض الأصوات النشاز رغم قلتها التي تهجمت على مبادرة هذه المقالات ،اقول لها لا تتسرعي في الحكم قبل أن تكتمل الصورة،
فهل تعتبرون؟
سدي علي ماء العينين ،ماي، أكادير، 2021. الجزء (02)
مناقشة هذا المقال