لربما غاب عن حزب العدالة والتنمية أنه قاد السلطة التنفيذية في المغرب لعشر سنوات، منذ هبت به رياح الربيع العربي، وأن في عهدة حكومة سعد الدين العثماني أحيا المغرب علاقاته مع إسرائيل، ليدبج بلاغا خبيثا، دس فيه من السموم ما استطاع، متناسيا السنوات العجاف التي آل لهم فيها تدبير شؤون المغاربة.
وبينما كانت المملكة أول المنددين بما يجري في قطاع غزة الذي تحول لساحة لتصريف حسابات بين إسرائيل وإيران التي اختارت التضحية بالغزاويين وجعلهم دروعا بشرية عبر تنظيم « حركة الجهاد الإسلامي » في هذه الحرب، فإن البلاغ الذي وقعه محمد رضا بنخلدون، سفير المملكة السابق لدى ماليزيا، والمحسوب على الـ »بيجيدي » الذي جرت إقالته من منصبه، حاد عن جادة الصواب وارتمى في بحر التضليل والتهويل، سعيا لتحقيق مآرب محددة.
وغرد حزب العدالة والتنمية خارج السرب محاولا ذر الرماد في العيون، وتخدير الذاكرة الجماعية للمغاربة الذين صدموا من هول ما بدر عن الـ »بيجيديين » على مدار عشر سنوات، تحكموا خلالها في أمورهم، وفعلوا فيهم كل الأفاعيل، بعدما سبق وخدروهم بالخطاب الديني، ليستفيق المواطنون على أن ربيعهم تحول خريفا بين أيادي رئيسي الحكومة السابقين عبد الإله ابن كيران وسعد الدين العثماني ومن يواليهما داخل حزب « المصباح ».
لقد راهن الـ »بيجيدي » على ورقة المشاعر، محاولا غرز سكين في خاصرة الوطن، الذي يتطلب الدفاع عنه رص الصفوف وتوحيد الرؤى مع تربص الأعداء به، وبذلك يكون حزب « المصباح » قد قدم هدية لهؤلاء الأعداء حتى يقضون أمرا ظل يراودهم منذ زمن طويل، لكن السؤال الذي يطرح هو لماذا خبََت « جذوة » و »حميَّة » الـ »بيجيديين » في دفاعهم عن القضية الفلسطينية حينما التقط عدو المغرب الانفصالي إبراهيم غالي الملقب بمحمد بن بطوش، مع محمود عباس، الرئيس الفلسطيني صورا خلال العرض العسكري الذي نظم في الجزائر تزامنا وعيد استقلالها؟ وقد بدا أن رئيس السطلة الفلسطينية مطبع بامتياز مع تمزيق المغرب؟
حينها ابتلعت « قيادات » حزب « المصباح » ألسنتها ولم يبدر عنها شيء وهي بذلك تعلن إلى أي صف تصطف، وأنها لا تقيم وزنا للأخلاق وهي لم تأل جهدا للعب بعقول المغاربة وتنويمهم مغناطيسيا، ببلاغ خبيث مدسوس بالسم، والحال أنهم من باركوا إحياء المغرب لعلاقاته مع إسرائيل، وأن وثيقة الإحياء مذيلة بتوقيع سعد الدين العثماني، عندما كان رئيس للحكومة السابقة.
محمد منتصر
مناقشة هذا المقال