متابعة سعيد ادوسلمان فاعل جمعوي.
تعالت أصوات ساكنة تيزنيت في هذا الفضاء الأزرق ليلة العيد منددة و مشتكية من روائح نتة البعض فطن لمصدرها
و البعض الآخر عزى ذلك لحرق أزبال في الجوار .
الأمر هنا يتعلق بانبعاث الأدخنة من المطرح الجماعي الذي قض و لا يزال يقض مضجع الساكنة التزنيتية عموما و ساكنة الضفة الشرقية خصوصا منذ مدة طويلة و أظنه سيقضه لفترة أطول مستقبلا بالنظر لعدم جدية المسؤولين عنه و البطء الشديد الذي يعرفه الحل الموعود.
فمنذ سنة 2004 و ساكنة حي العين الزرقاء تشتكي من هذا المطرح و رفعت في ذات الموضوع شكايات متعددة إلى السلطات المعنية عن طريق جمعية الحي ” جمعية أمل العين الزرقاء” و لكن بدون جدوى
و في سنة 2011 بلغ السيل الزبى و تفاقم الوضع بشكل كبير مما جعل مدينة تيزنيت تغرق في ضباب خانق من الأدخنة السامة و النتة باستمرار الشيء الذي دفع مجموعة من جمعيات أحياء الضفة الشرقية و جمعية الدوتركى الى الالتآم و خوض مسلسل نضالي انتهى بتنظيم وقفة احتجاجية أمام عمالة تيزنيت و الذي كانت نتيجته عقد اجتماع موسع حول الموضوع برئاسة عامل صاحب الجلالة بمقر العمالة حضره جميع المعنيين بالموضوع .
الاجتماع الذي دام زهاء 4 ساعات لم يكن عاديا و ظهرت فيه رئاسة المجلس البلدي في شخص أعمو و البنواري تدافع عن مشروع تحويله إلى بقعة أرضية بجماعة وجان كمطرح إقليمي مراقب ،فهم من مجريات الحديث بعد ذلك أن جماعة تيزنيت كانت قد اقتنت بقعة بتلك الجماعة و أجرت كل الدراسات القانونية للمشروع قبل صدور أول قانون منظم للمطارح في المملكة المغربية سنة 2009 و هو ما حدى بوزارتي الداخلية و البيئة إلى اختيار تيزنيت لتكون من بين الأقاليم التي ستنجز بها مطارح إقليمية و هو ما أكدته ممثلة وزارة البيئة مشيرة إلى قرب صدور “مخطط مديري إقليمي ” بهذا الخصوص مع تسجيل تحفظ على الموقع الذي و على ما يبدو ووفق تقرير مكتب للدراسات فهو موضوع ملاحظة حول صلاحيته بيئيا لإيواء المشروع و هو ما استند إليه السيد العامل بجانب رفض جماعة وجان لإقامة المشروع على أراضيها لإعطاء إشارات أن الحل لن يكون فوق تلك البقعة إلا بعد إعادة تلك الدراسة و تزكيتها للمشروع و هذا كله لن يتطلب أكثر من سنتين . المهم أنه و بعد ذلك الاجتماع سوف تتخذ جميع التدابير لضمان عدم انبعاث الأدخنة مجددا بنسبة كبيرة في انتظار صدور المخطط المذكور و هو ماكان فعلا أظن سنة 2014 حيث صدر المرسوم و أذكر أنني حضرت تقديمه بمقر العمالة بحضور جميع رؤساء الجماعات بإقليمي تيزنيت و سيدي إيفني و هذا يعني أن اعتمادات المشروع قد رصدت بما فيها أظن مبلغ 300 مليون سنتيم لإقفال المطرح الحالي و تهيئة محيطه. هنا يبدو أن المسألة قد حسمت أخيرا لكن الأمر لم يكن كذلك فالقطعة الأرضية الوجانية لا زالت موضوع تحفظ و رفض و هو ما حدا بجماعة تيزنيت إلى سلك سبيل آخر عله يخلصهم من إشكال عمر كثيرا . الحل هذه المرة هو تغيير المكان و التخلي عن فكرة مطرح إقليمي . الوجهة هذه المرة ستكون بقعة بجماعة أكلو المحادية لجماعتي المعدر و وجان مع الاقتصار على مطرح مراقب خاص بجماعتي تيزنيت و أكلو إضافة أعتقد الساحل . كل شيء سار على ما يبدو هذه المرة على ما يرام :نزع الملكية ، الدراسات المتعلقة بالمشروع….. لكن الأمر لم يكن كذلك ففي بداية ولاية المجلس في صيغته الحالية برئاسة بوغضن حضرت اجتماعا بمقر بلدية تيزنيت تم فيه تقديم المشروع الجديد الذي و على ما يبدو على بعد خطوات من الوصول إلى بر الأمان و بالتالي الخلاص . هذه المرة الإشكال ليس في البقعة الأرضية و لا في الدراسات الميدانية و لا في العصا في الرويدة لا لا المشكل في تكلفة المشروع المكلفة بالنسبة للمجلس الجماعي، على حد قولهم ، لكن هذه المرة يلزم قليل من الصبر فالمجلس الجماعي قرر تغيير بعض بنود دفتر التحملات بإلغاء عملية الفرز الآلية الباهضة الثمن و بالتالي إرجاع المشروع لمكاتب وزارة الداخلية قصد التأشير؛إلى حدود الساعة لا مشكلة ما زال صابرين خاصة و أن الادخنة المنبعثة من المطرح تكاد تنعدم و هنا نسيت أمرا غاية الأهمية هو اشتغال منظمة يابانية أو كورية على هذا المشروع و على ما يبدو فهم من كانوا يشرفون على عملية طمر الأزبال بالمطرح حتى لا تشتعل أو شيئا ما من هذا القبيل و سوف يشرفون على عملية الانتقال . المهم عقد هذا الاجتماع أواخر 2017 إن لم تخني الذاكرة وكانت حينها العقدة المبرمة مع الجابون قد انتهت و المطرح لا زال مكانه. بدأ المطرح يرسل إشارات بين الفينة و الأخرى و في أواخر شتنبر و بداية أكتوبر 2018وقعت الكارثة مرة أخرى . فقد اشتعل المطرح عن آخره تماما كما وقع سنة 2011 و أصبحت تيزنيت تحت وطأة الدخان السام .تعالت الأصوات منددة بالوضع بدأنا بالالتفاف مجددا و بدأنا بعقد لقاءا تواصليا حضرته المنابر الاعلامية و مختلف مكونات المجتمع المدني إضافة إلى حضور وازن لمنظمة جهوية لحماية البيئة . تمت صياغة بيان تنديدي و تقديم عرائض احتجاجية موقعة من قبل أزيد من 800 شخص كان طلبهم تحويل المطرح . بعد مدة ليست باليسيرة تمكنت مصالح جماعة تيزنيت من التحكم في الحريق و عادت الأمور إلى سابق عهدها في انتظار الحل النهائي .
لكننا و خلال الآونة الأخيرة لاحظنا و للأسف انبعاث الأدخنة مجددا و إن لم تصل بعد إلى درجة الخطورة ما جعلنا ،خلال الأسبوع الماضي، نتصل بنائب الرئيس المكلف بأشغال المدينة السي عبد الله جوراغ و كذا السيد Ahmed Rabie Mokhtatif المهندس المكلف مشكورين على التواصل الدائم معنا قصد إثارة انتباههم للمشكل المذكور قصد التدخل لاحتواء الوضع و ما حدث ليلة العيد ليس إلا تحصيل حاصل.
و عن آخر تطورات هذا الملف فقد أكد رئيس المجلس الجماعي مشكورا في لقائنا به أظن شهر فبراير المنصرم أن المشروع قد أشرت عليه وزارة الداخلية و هي فقط مسألة وقت ليس إلا.
و بين هذا و ذاك لا زلنا نكتوي بتداعيات هذه الآفة و نتمنى أن يجد المشكل طريقه إلى الحل في القريب العاجل فقد سئمنا الانتظار و الشكايات و العرائض ووووو…
في الأخير ألتمس منكم العذر إن كنت قد أطلت عليكم و أتمنى من المجلس الجماعي الحالي و السابق أن يدلو بدلوهم لمزيد من التنوير حول هذا الموضوع كما أشير الى أن التواريخ و الأرقام التي قدمتها هي فقط تقريبية و ليست دقيقة.
سعيد دوسليمان
رئيس جمعية أمل العين الزرقاء
مناقشة هذا المقال