في الوقت الذي يسعى فيه الائتلاف المدني من أجل البيئة بأملن (الائتلاف)، جاهدا بكل قواه وإمكانياته، من أجل توفير بيئة سليمة ومنتجة ومستدامة بأملن، وذلك بتنسيق مع كل الفعاليات والقوى الحية من مجتمع مدني وشبكات ومؤسسات وإدارات، يتفاجأ خلال الأسبوع الماضي بجحافل من الجمال والأغنام تغزو بقوة أراضي وممتلكات ساكنة الجماعة الترابية لأملن ودواويرها. قوافل تعد بالمئات أتت من الشرق عبر طريق ”إخف إيفيلو” (الجمال) وكذا من الغرب عبر تهالا (الأغنام)، هذا الغزو المهيكل والمبرمج يتكون من وفود وفرق مجهزة بمختلف ما تحتاج إليه في سيرها وإقامتها من عربات رباعية الدفع ودراجات نارية قوية ومعدات لجلب وتخزين المياه وهواتف الاتصال، ناهيك عن أسلحة بيضاء ومقاليع لرمي الحجارة عن بعد إلخ… تتصدى لها الساكنة والسلطات المحلية بكل ما تملك من قوة وحزم لكن سرعان ما يأتي فوج آخر، وخاصة قطعان الأغنام، مستفزة الساكنة ومعبئة للمجالس ومزعجة للسلطات المحلية بمختلف مكوناتها.
إذاً، إلى متى سيستمر هذا الوضع وهو يزداد خطورة وشراسة كل ما مر الوقت؟ ومن هي الجهة المسؤولة عن هذا الوضع المُؤرق لأهالي ومسؤولي الشأن المحلي بأملن؟
وأمام استمرار هذا الوضع ومن شدة خطورته أنه سيفرمل كل المبادرات المبرمجة مع الشركاء، ويحبط كل المجهود الذي يقوم به الائتلاف ومنها:
• غرس أشجار أرڭان بتعاون مع التعاونيات والجمعيات المحلية والساكنة قصد تثمين وتنمية هذه الشجرة المباركة بتنسيق مع المؤسسات والمديريات من بينها الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأرڭان والفلاحة بمناسبة تخليد اليوم العالمي لهذه الشجرة؛
• تأطير وتكوين الفلاحين الصغار في مجال الفلاحة التضامنية وغرس الأشجار وتثمين الأعشاب العطرية والطبية؛
• التأسيس لوضع نظام التدبير التشاركي المستدام يهدف إلى العناية والمحافظة على التنوع البيولوجي للواحات المتواجدة بالمنطقة.
وفي المقابل تأتي هذه القوافل أو بالأحرى هذه المقاولات المتنقلة، كما أشرنا إليه في بلاغنا ليوم 07 شتنبر 2022، لتدمير وتحطيم وإهلاك ما تبقى من أشجار الأرڭان واللوز بعد تأثير موجات الحر وانعدام الأمطار، وإحباط كل ما يقوم به الائتلاف ومكونات المجتمع المدني بالمنطقة وبتعاون مع المجلس الجماعي لأملن من أجل تنمية مستدامة لمصلحة الساكنة المحلية، وذلك قصد التقليص من الهجرة للمدن في إطار التوجهات الرسمية لبلدنا. وهذا كله بموازاة مع ما تقوم به الحكومة المغربية منذ فترة في هذا الباب.
كما نتساءل لماذا يُهدر المال العام ومجهودات المجتمع المدني من أجل تنمية العالم القروي إذا كان الباب مفتوحا لهذه القوافل لكي ترعى في ممتلكات الساكنة وتأتي على الأخضر واليابس بدون قيد، غير عابئة بمقتضيات الظهير الشريف المنظم للرعي؟
كما نسجل تناقضات خطيرة وغير منطقية:
• فمن جهة، تسعى الدولة عبرمؤسساتها وإداراتها والجمعيات الي العمل من أجل تنمية المنطقة (تأطير العنصر البشري، التكاوين في المجال الفلاحي والسياحة الايكولوجية، تنمية القدرات، البنية التحتية، توفير والمساهمة في مجالات عدة).
• من جهة أخرى، نرى هذه العصابات تستحوذ على خيرات المنطقة وممتلكات الساكنة (الأرڭان، اللوز، الآبار والنطفيات المشتركة والخاصة) بطريقة تعسفية وترهيبية. من هم ومن يساند أصحاب هذه القوافل التي تتألف من مئات وفي بعض المناطق من آلاف المواشي…؟
ميدانيا، وفي إطار اليوم العالمي لشجرة الأرڭان التي ما فتأت الحكومة المغربية والمجتمع المدني الصديق للبيئة يناضل من أجل ترسيم هذا اليوم من طرف منظمة اليونيسكو، وفي الوقت الذي نعمل فيه جميعا من أجل مواكبة تنميتها والحفاظ عليها وتقنين جني ثمارها، إذ نستنكر ونتعجب لغزو هذه القوافل من الجمال والأغنام والمعز لاستهلاك وإتلاف ونهب هذا المنتوج دون قيود. منتوج يُعدُّ المصدر الأول للعيش لفئات عريضة من ساكنة المنطقة، تستهلكه القوافل مجانا من خلال انتهاك وإتلاف ممتلكات الغير (الأراضي، الأشجار، الماء، …) ظلما وعدوانا ضربا بعرض الحائط كل القوانين والحقوق والأعراف.
وكما يعلم الجميع، القانون 113/13 الذي يُقنن الرعي خُصِّصت له مناطق معَيَّنة تتكون من مساحات هائلة وشاسعة ومؤهلة. ولكن هذه القوافل تأبى إلاَّ أن تغزوَ أراضي ومحميات الخواص بدون ترخيص ولا احترام. لماذا هذا التسيب والترامي على أراضي الساكنة المحلية بدون حماية في دولة الحق والقانون؟ هل هذا يشرف بلدنا؟ وهنا نرجع إلى خطاب صاحب الجلالة نصره الله الذي يؤطر كل عمل مؤسسات الدولة ”إن الهدف الذي يجب أن تسعى إليه كل المؤسسات هو خدمة المواطن ومن دون قيامها بذلك فلا مبرر لوجودها أصلا” أين هي خدمة المواطن المظلوم والمغلوب على أمره في هذا الملف؟
عن الائتلاف المدني لأجل البيئة بأملن / تافراوت
أملن في 15 شتنبر2022
مناقشة هذا المقال