كانت سنة 2021 سنة بئيسة جدا، وكئيبة خيم عليها الحداد والحزن، إثر فقدان زعيم سياسي شجاع جمع بين الذكاء والدهاء ورسم مسارا سياسيا ناجحا ومبهرا في وقت وجيز، إنه المرحوم الشهيد عبدالوهاب بلفقيه رحمه الله. قصة استشهاده يعرفها الجميع. وإلى حد الآن، وحسب علمي، فإن جميع أبناء وبنات آيت باعمران وعموم قبائل جزولة من لاخصاص وآيت رخا وامجاض والقبائل الأخرى التابعة لنفوذ إقليم كلميم وجهة وادنون لم يصدقوا بعد أن الرجل قد رحل عن هذه الدنيا، لشدة تعلقهم به، نتيجة طيبوبته ومصداقيته واخلاقه وطبيعة العلاقات التي كان ينسجها مع الناس، أفرادا وجماعات. وهذا ما سبب له مشاكل واحقاد كثيرة من طرف الخصوم السياسيين، الذين يهزهم الزعيم رحمه الله في جميع المعارك الانتخابية منذ سنة 2003 فلم يستطيعوا هزمه انتخابيا بالرغم من أن خصومه يملكون أموالا طائلة وارخبيلا من الشركات الإنتاجية والعقارات ويملكون شركات تحويل وبيع المحروقات منذ سنوات، وراكموا ثروات طائلة بحكم سيطرتهم على مناصب سامية في الدولة منذ 1957. وحين هزمهم المرحوم لجأوا إلى أساليب خبيثة لتشويه السمعة واستعملوها على كافة الأصعدة، ومولوا حملات التشهير من داخل المغرب وخارجه، واستعملوا بعض الأصوات الانفصالية للضغط على الدولة في إطار تقاسم الأدوار التي يلعب عليها البعض في وادنون، وضع رجل مع المغرب ووضع أخرى مع الانفصاليين، بالرغم من أن وادنون بعيد كل البعد عن مناطق الصراع. وقد قال المرحوم في مقطع فيديو مصور قيد حياته “أنهم جربوا كل شيء ضدي وأكد أنه يعاني من الحقد والكراهية والعنصرية”.
وللعجب أن تلك الأصوات التي كانت تشتغل في إطار آلة اعلامية رهيبة ضد المرحوم بلفقيه تدعي محاربة الفساد، وتدرف دموع التماسيح على مصلحة كلميم وساكنتها، اليوم اختفت ولم يعد لها أثر، في وقت تعرف فيه مدينة كلميم أبشع محاولات الفساد والريع واستغلال النفوذ، فقد ظهرت بين عشية وضحاها مشاريع عقارية بسرعة خيالية يملكها أفراد يتربعون على جميع السلط داخل المجالس المنتخبة بالمدينة والاقليم والجهة، والادهى والأمر ان تلك الابواق التي كانت تكذب على المرحوم هي نفسها من تقوم بالدعاية لمثل هذه المشاريع وتصفها بالمشاريع الاستثمارية العملاقة….
نتساءل هل كان المرحوم يعاني من العنصرية كرجل وطني صادق قدم خدمات جليلة للوطن والوحدة الترابية وجعل كل ما يملك في صالح الثوابت الوطنية وخدمة للوحدة؟
بمعنى أدق هل كانت أمازيغية المرحوم هي السبب الأساس في كل ما عانه من ظلم وتعسف وتشهير ومتابعات كيدية؟
هل الحزب الذي غدر بالمرحوم والسلطة في جهة كلميم وادنون متورطون في كل ما جرى للمرحوم خاصة قبيل وبعيد الانتخابات التي تصدرها المرحوم جهويا واقليميا ؟
المرحوم تصدر الانتخابات وحرم من التزكية لتسيير الجهة لأنه امازيغي ابن قبائل آيت باعمران وأعطيت بغير وجه حق لقبيلة آيت الحسن والتي منح لها أيضا رئاسة المجلس الإقليمي
هذه القضية أعادت الكثير من الأوجاع في العلاقة بين آيت باعمران والدولة.
لأنه لا توجد اسباب منطقية لحرمان المرحوم من حقه في تسيير جهة كلميم وادنون وهو المتصدر للانتخابات بفارق 3000 صوت وما يزيد، مع العلم أن الأحزاب الثلاثة المهيمنة التي قسمت كعكعة الجهات يوجد من ضمنها منتخبون تم الحكم عليهم قضائيا في شبهات فساد مالي ولكنه تم تجديد التزكية لهم للمرة الثانية على التوالي لرئاسة بعض الجهات، كما أن هذه الاحزاب وضمنها حزب البام قام بتزكية أشخاص نافذين جدا قاموا بتوريث المجالس هم وأبائهم وأبنائهم لمدة تزيد عن 50 سنة لا داعي لذكر الأسماء ومنها اسماء عائلات معروفة في الصحراء وسوس ومراكش وبني ملال والريف والبيضاء….
لماذا بالضبط بلفقيه هل لأنه من آيت باعمران؟ هل لأنه امازيغي ناجح في منطقة وادنون َيحظى بشعبية كبيرة في كل الأقاليم التابعة للجهة؟ أم لأنه لا يملك شركة للمحروقات؟
آيت باعمران يعلمون جيدا ماذا تعني المأساة السياسية التي يتم التعبير عنها ب”تاكوضي” هذه الأخيرة لم يستطعوا بعدُ، تجرع مرارتها ولازالوا يكضمون الغضب الشديد جراء استشهاد المرحوم، ففي نظرهم لا شرعية ولا مشروعية لمن يتربعوا على تسيير جهة وادنون، فالشرعية تمنحها صناديق الاقتراع ومدام ان هذه الصناديق منحت الشرعية للمرحوم بفارق كبير جدا، فإنهم مهما فعلوا من محاولات الترميم والترقيع فإنهم سيظلوا طوال الوقت البحث عن شيء غير موجود في الواقع وهو في الحقيقة مفقود، وسيعيشون طيلة ست سنوات يؤرقهم البحث عن الشرعية المفقودة.
اذا كانت السلطة في وادنون والحزب الذي غدر بالمرحوم لا يريدان امازيغي من آيت باعمران دافع طيلة حياته من أجل وحدة تراب المملكة كي يصبح رئيسا للجهة، فعليهم أن يقولوها مباشرة لآيت باعمران حتى لا يغدروا وينخدعوا مرة أخرى.
اذا كانت السلطة في وادنون التي يشرف عليها رجل من قبيلة في الصحراء ومعها الحزب المعلوم تريد جعل آيت باعمران الذين يتواجدون في عموم الأقاليم الجنوبية من وادنون إلى الكركرات، والذين يعرف عنهم الدفاع عن الوطن باستماتة وبصدق وعن وحدته الترابية، يجعلونهم فقط خزانا انتخابيا يشارك في الكومبارس فإنهم يحتاجون للجرأة لإعلان ذلك بشكل صريح.
مهما حاولت الأحزاب التي تورطت في استشهاد المرحوم ايجاد بديل سياسي له في آيت باعمران فمؤكد انها لن تنجح، وننصح البعض الذي يحاول حاليا ايهام الدولة والشعب على أنه أصبح بديلا سياسيا في آيت باعمران وأنه قادر على خلق التوافق مثلما كان يفعل المرحوم، ننصحه أن لا يحاول لأنه سيتحول إلى رسم كاريكاتوري من ورق شفاف….
المرحوم الشهيد ترك كم كل شيء المجالس والمناصب والمسؤوليات والكراسي… وتفكرا جيدا أنكم تجلسون على كراسي ليست لكم ولا تستحقونها.
رحم الله الشهيد عبدالوهاب بلفقيه…
مناقشة هذا المقال