أدرار خلال هذه السنة والأعوام الفارطة واجه بشكل كبير ومتكرر ندرة المياه بشكل غير مسبوق وأصبحت الساكنة أكثر تخوفاً من ذي قبل من تبعات هذا الجفاف الذي يلوح في الأفق كلما حل الصيف بغض النظر عن كون السنة ماطرة أو جافة ، هذا التخوف أدى الى تقلص عدد العائدين لقضاء العطلة ب “تمازيرت” كما كان من بين أسباب الهجرة ، هجرة الأعمال الفلاحية و هجرة المنطقة ككل.
الابار التي تعتمد عليها الساكنة بالدرجة الاولى للتزود بالماء تعرف في هذا الوقت من السنة تقلص نسبة المليء فيها و بعضها يجف عن أخره وهذا ما استغربه الكل وأصبحت أسبابه غير معروفة لدى البعض ، رغم أن السبب الرئيسي هو جفاف الفرشة المائية او ما نسميها “العيون” إن صح التعبير ، ويبقى السؤال عن أسباب جفاف الفرشة المائية بأدرار سؤالا ذا أهمية من أجل حل هذا المشكل الذي يهدد كل من يسكن هذه الارض من حيوان وشجر وبشر .،؟؟
هذا السؤال نجد له إجابات في ماضينا القريب والبعيد ، فالأجداد كان تعاملهم مع المياه أكثر ذكاءاً منا اليوم ونحن في عصر ندعي فيه التطور ، لاتستغربوا عند التجوال في بوادي أدرار أن تجدوا أبار من الحجم الصغير وأحواض مفتوحة وواسعة الأبعاد وظفيرات (مطفيات) داخل البيوت و قرب الدواوير أو داخل الحقول أو في أبعد نقطة عن الساكنة ، لا تستغربوا حفر أبار يناهز عمقها 50 الى 70 متر و محيطها 6 الى 10 أمتار ، لا تسألوا عن أسباب بناء المدرجات والسواقي وحفر الأخاديد و زراعة نوع خاص من الأشجار دون غيرها ، كل هذا تتحكم فيه هذه المادة الحيوية والتي شكلت لعقود شرطاً و ركناً للإستقرار والأمن والطمأنينة بأدرار.
اليوم هدمت السواقي والأخاديد و خربت مسارات المياه التي تملىء بعض الآبار والأحواض ، وأصبحنا نعتمد على تقنيات تجفف المياه الجوفية ومنابعها ، فألة حفر المياه المتعارف عليها ب “الصوندا” والتي تتسابق عليها الساكنة والمؤسسات للتنقيب عن المياه هي أكبر مخرب لهذه الفرشة المائية بسبب الطبقات التي تخترقها و العمق الذي تصل إليه ، فهذه الأبار التي لا يتعدى محيطها 50 سنتمتر لا هي قادرة على تخزين الماء ولا هي تحافظ على الفرشة بل العكس من ذلك فهي تحول مسارات المياه الجوفية وأصبحت تشكل سببا رئيسياً لجفاف الآبار التقليدية التي تخزن مياه الأمطار .
وتبقى العودة الى عادات وتقاليد الاجداد في تدبير المياه أفضل حل لتجاوز مشكل الجفاف في إنتظار عودة المياه الى مصادرها عبر تزويد ساكنة أدرار بمياه السدود من طرف مؤسسات الدولة المكلفة كأولوية ملحة .
من منطقة تافراوت المولود إقليم تيزنيت ، عبدالله گواغو.
مناقشة هذا المقال