بقلم سدي علي ماءالعينين ،
أكادير ،نونبر ،2021.
عبر ربوع العالم تشهد كل الاوساط ان ثروة المغرب الأولى في عنصره البشري، فالمغاربة عبر العالم متفوقون كل في مجاله، وبارعون كل في صنعته، و مخلصون و ملتزمون كل في وظيفته،
عندما تمر أمام مؤسسة تعليمية في ساعة خروج التلاميذ تمتلكك رهبة المسؤولية الملقاة على الدولة في ضمان عيش كريم ومستقبل واعد و مسار دراسي متكامل لكل هذه “الجحافل” من الناشئة، الذين يحدوهم الطموح ليحولوا بدلتهم المدرسية إلى بدلة طبيب أو مهندس أو قاضي… إنهم رجالات المستقبل.
وفي محيط المؤسسات وقائع وحكايات، وقصص ومسارات،
لكن أيضا مآسي وآلام و جراح، فكثيرة الأمور التي تتهدد طفولتنا في محيط المؤسسات من تجارة المخدرات، إلى التحرش بالفتيات، إلى بيع المأكولات بلا رقابة صحية…وهو ما دفع الدولة إلى إعتماد الشرطة المدرسية التي تقوم بدوريات في محيط المؤسسات في ساعات الدخول والخروج.
لكن هناك وقائع لا مرد فيها لقضاء الله، كحوادث السير و السرقة بالدراجات النارية، و مختلف أشكال الإعتداءات،
تعود بي الذاكرة إلى سنوات الثمانينات في مساء كئيب حين غادرنا ثانوية الحسن الثاني ببويزكارن ،ولأن باب المؤسسة يوجد قبالة الطريق الوطنية،، كنا نمشي بجانب الطريق، حين فوجئ الجميع بسيارة بسرعة جنونية تصدم شابة وتجرها لعشرات الأمتار أمام دهولنا وصدمتنا، وفارقت صديقتنا الحياة ببدلتها المدرسية التي لطخت بالدماء.
كان هذا في الثمانينات، و قبل أيام وأمام مؤسسة الزرقطوني بأكادير ،شيخ يسوق سيارته التي إنحرفت به لتصعد بقوة إلى ممر الرجلين وتصدم ثلاث تلميذات خرجن توا من المؤسسة،
مشهد هليودي لفتيات تطايرن في السماء ليرتطمن بالأرض و تنتشر الدماء الزكية بالمكان،
كتبت الصحافة عن الواقعة ،وذهب كل إلى حال سبيله، وحدها أسر هذه الفتيات لازلن يعانين في صمت بلا معين ولا مهتم.
الاخبار الواردة من مستشفى الحسن الثاني تدمي القلب، فالتلميذات في حالة حرجة اصبن بكسور خطيرة و متعددة، لكن المستشفى لا يتوفر على ما يمكن أن يسعف به هؤلاء الفتيات، و حتى إجراء عملية يتطلب إنتظار الدور، ناهيك عن كلفة التطبيب.
تلاميذ مؤسسة الزرقطوني ومعهم إدارة المؤسسة وجهوا نداءات عبر الإذاعة المدرسية وعبر شبكة التواصل الاجتماعي يدعون الجميع للمساهمة لدعم زميلاتهم،
نحن اليوم أمام مأساة إنسانية بكل المقاييس، أسر لا تملك ما تواجه به هذا المصاب، كما أن مستشفى الحسن الثاني بأكادير يفتقد حسب مصادرنا لما يكفي لمعالجة الضحايا رغم تفاني الأطقم الطبية ،
وحل المدير الإقليمي بالمستشفى الحسن الثاني للاطمئنان على حالتهن الصحية والوقوق على الخدمات والرعاية الصحية والاهتمام والعناية التي حظين بها.
يشار أن إدارة الثانوية التأهيلية الزرقطوني قد قامت بمعية أعضاء من جمعية امهات واباء وأولياء التلاميذ بذات المؤسسة بزيارة التلميذات المعنيات للإطمئنان عليهن ومؤازرة عائلتهن في المستشفى.
لكن رغم ذلك إن اخدنا بمصادر التلاميذ فإن كل ذلك لم يسفر عن تحرك عملي، و العهدة على زملاء الضحايا.
اليوم التلميذات من قلب المستشفى يستغتن، و اسرهن لا حيلة لهن غير ترقب الفرج من الله العلي القدير أن يخفف عنهن مانزل.
و عبر صفحة اليراع نوجه نداء عاجلا لهيئات المجتمع المدني والمنتخبين، و المديرية الإقليمية للتعليم،و المحسنين ليتحركوا لإخراج التلميذات من معاناتهن وإهمالهن،
لقد قلنا ان ثروتنا هي العنصر البشري، وهؤلاء الفتيات أمانة في اعناقنا، و تجاهل معاناتهن وصمة عار على جبيننا،
تحركي أيتها المؤسسات، بادروا ايها المحسنون ،
فهل تعتبرون ؟
مناقشة هذا المقال