بقلم الفاعل المدني ،سدي علي ماء العينين ،
أكادير ،أكتوبر 2021.
شكل مقالي الأخير عن المرابد مناسبة لمجموعة من الأصدقاء للتداول حول موضوع يخص طبيعة التعامل مع قضايا المدينة على ضوء تولي رئيس الحكومة رئاسة الجماعة ،ناهيك عن تنوع مشارب فريق المعارضة المكون من عدة أحزاب،
وإذا كانت الأحزاب الأربعة المشكلة للتحالف لم تعلن بعد عن برنامج عمل يمكن أن يكون مرجعا للمتتبعين، فإن حتى المعارضة عرفت في مرحلة التصويت على مكتب المجلس تفاوتا في الرؤية بين مصوت لصالح هيكلة المجلس، ومقاطع وممتنع عن التصويت،
اما المجتمع المدني فإنه أمام إمتحان يضعه في الواجهة في طبيعة تعامله مع المجلس : بين المصاحبة والتوجيه أو المعارضة و التصدي للحزب الحاكم وحلفائه، والخلط بين تقييم عمل المجلس وبين الموقف من العمل الحكومي إعتبارا لكون الرئيس هو رئيس الحكومة.
في تقديري الشخصي فإن جماعة أكادير ستكون في سنواتها الأولى، حتى لا أقول ولايتها الحالية كاملة أمام ثلاث تحديات :
- الحرص على تتبع المشاريع الملكية وحسن تنزيلها في احترام تام لجدولتها الزمنية.
- تعبئة موارد الجماعة الخاصة بإلتزاماتها في تمويل هذه المشاريع، دون المساس بالتوازن المالي للجماعة أو المس بالقطاعات الحيوية عبر قرارات جبائية غير منصفة.
- تصحيح كل الإختلالات التي عرفتها الولاية السابقة خاصة على مستوى جودة الأشغال و تدبير العنصر البشري وترشيد النفقات. ووضع برنامج عمل مستقبلي قابل للتحقق.
المعارضة من جهتها عليها ان تعكس التنوع الذي تتميز به تمثيليتها بالمجلس بين يمين ويسار، و إسلامي و محافظ… ،تنوع وإن كان قد لا يسمح بتشكيل كتلة موحدة، لكنه قادر على خلق قوة إقتراحية متنوعة و متكاملة.
يبقى المجتمع المدني في محك التعامل مع المجلس الحالي، وخاصة الحزب الحاكم، ذلك أن جزءا كبيرا من مكوناته كانت سندا له في الحملة الإنتخابية ، و هي المساندة التي تنتظرها العديد من المكونات لتترجم على قاعدة :رابح/رابح. دون أن نغفل ان مكونات أخرى تنتظر المقابل المفترض أو التمييز على قاعدة :” انا ديالكم و معاكم”!!
و يبقى السؤال : أي دور للمجتمع المدني بالمدينة في ظل الولاية الحالية ؟
في تقديري، الجواب على هذا السؤال يتطلب فتح ورش نقاش هادئ للخروج بارضية عمل خدمة للمدينة ،
لكن ذلك لا يمنعني ان اساهم في النقاش ببعض الأفكار في هذا الإتجاه : - ذاتيا : على المجتمع المدني ان لا يقع في مطب المطالب الذاتية، كدعم المنح ،و رخص الإستغلال، و واللقاء مع الرئيس،…
هذه كلها تكون في الغالب مسكونة بخلفية لا علاقة لها بالفعل المدني ،لأنها ترتوي من سلوك مشين :” عاوناكم حتى طلعتو ، نوبتكوم تعاونونا”!! - موضوعي : ونقصد به الفعل المدني المهووس بالعمل التطوعي، و الواعي بادواره في المراقبة و التتبع ،و المساندة والنقد، و الإقتراح و المبادرة في نكران للذاة و تفاني في العمل دون أن يعني ذلك تقديم شيك على بياض للمجلس ولا حتى لشركة التنمية المحلية ولا للسلطات الولائية،
- مواصلة تنزيل المقتضيات الدستورية التي كانت مدينة اكادير السباقة لممارستها عبر سياسة العرائض و المقاربة التشاركية ،و التعبئة الجماعية لمناهضة كل الإختلالات التي تمس بنية المدينة.
- المجتمع المدني مطالب ان يدفع المجلس لفتح حوار أفقي و عمودي مع مختلف المكونات من مؤسسات عمومية ومدنية وقطاع عام وخاص، و أشخاص ذاتيين و معنيين، وفنانة ومبدعين ،يكون موضوع الحوار هو البحث عن انجع السبل لحسن تدبير المرافق الجاري إنجازها، بأي عنصر بشري؟، و بأية برامج؟،، و بأية ميزانية؟
- دورنا مستقبلا ان نؤهل أنفسنا لنكون قادرين على أن نكون فعلا متحلين بكثير من المواطنة والوطنية و الشعور بالإنتماء حتى نقدر معنى الإنتماء إلى وسط المغرب، بكل ما ينتظر منه من رهانات وتحديات.
- لقد تابعنا ونتابع يوميا كيف انه بإسم تهيئة الشوارع، تقطع الأشجار بدل تحويلها، و تقلص مساحات المناطق الخضراء الموزعة بجنبات الطرقات وتعوض بفضاءات مجتمعة سميت منتزهات، في وقت لازال التوجه بالمدينة هو زرع النخيل بالشوارع دون فهم دواعيه ولا فلسفته ولا علاقته بالثقافة المحلية.
- يجري الحديث عن هيكلة كورنيش اكادير، و منه إزالة بناية تاريخية، و يتعلق الأمر بالمسبح البلدي، و هو ما لم يثر اية ردة فعل كما حدث مع بناية الجماعة أو بريد المغرب، وهنا يمكن للمجتمع المدني المبادرة بتوضيع عريضة الإبقاء على هذه البناية ودمجها في هيكلة تعطي قيمة للسياحة الرياضية والثقافية بالإبقاء على بناية المسبح و تحويلها إلى متحف للصور يستعرض تاريخ الرياضات والأنشطة البحرية التي عرفتها المدينة من قبل الزلزال.
- مراجعة قرار المجلس السابق ببيع عقار المخيم البلدي، و طرح بدائل مدنية لتعبئة الموارد المالية التي قد تغني المجلس عن بيع عقار بحمولة تاريخية وتحويله إلى فضاء ثقافي وسياحي بحكم موقعه الإستراتيجي و دلالاته التاريخية.
- التفكير في إقتناء سينما السلام و الإحتفاء بها كبناية تاريخية و تحويلها بدعم من بيت مال القدس و جهات وطنية ، إلى متحف لتاريخ اليهود المغاربة بسوس ، وما سيكون لذلك من إنعكاس على القطاع السياحي وحماية وتثمين الذاكرة الوطنية وحفظها من الإندثار في إطار التوجه الجديدة للدولة المغربية.
هذا وغيره كثير ينتظرنا كفاعلين سياسيين ومدنيين، وساكنة ومسؤولين لنجعل فعلا من مدينة اكادير وسط المغرب.
ولنا عودة في حلقات لمختلف الإختلالات التي تعرفها المدينة ومقترحات معالجتها ضمن سلسلة : أكادير ماشي غير اجي ودير،
إنتظروني في الحلقة الثانية.
فهل تعتبرون ؟
مناقشة هذا المقال