بمناسبة حلول الذكرى الثانية لمسيرة”توادا”حول الأرض والحقوق المرتبطة بها “أنفا”يوم 25 نونبر 2018.بالأمس القريب،قبل دعوة الحامي/المستعمر الفرنسي من قبل”المخزن”لحمايته من هيمنة هذه القبائل وتكسير شوكتها،كانت أراضي وممتلكات هذه الأخيرة،تشكل مايزيد عن 83 في المئة من مجموع المساحات المغروسة،في المقابل،لا تشكل أراضي”المخزن”سوى 16 في المئة من هذه الأراضي.
تجدر الإشارة كذلك إلى أن كل مجموعة قبلية لها ملكية خاصة في الأراضي الزراعية والغابوية وأراضي السقي،في تدبير جماعي ديمقراطي لها،وفق قانون”أزرف”الذي أقر المنتظم الدولي اليوم، تقدمه ونجاعته،بحيث يعطي الأولوية للنظام الديمقراطي للجماعة بدل المنتوج الغربي الذي أسس شرعيته على هيمنة الفرد بدل الجماعة،ففتح بذلك الباب على مصراعية للإقطاع والإمبريالية،وفي تهميش مقصود لأدوار الجماعة .
دخلت القبائل الأمازيغية،عن بكرة أبيها،في المقاومة المسلحة لإجلاء الحامي/المستعمر عن البلاد،فانخرط أبناؤها ببسالة ضمن صفوف جيش التحرير، الموؤود من طرف الأجنحة السياسية أنذاك.
إلاّ أنه،بدل أن تسترجع هذه القبائل ممتلكاتها وأراضيها ،التي تمت مصادرتها من طرف المستعمر “والمخزن”والموالين لهما،بدل ذلك،أضحت المعادلة معكوسة،ففقد السكان الأصليون أراضيهم وممتلكاتهم ولم يعد يملكون سوى 30 في المئة منها،نكاية في تشبتهم بأرضهم ولتكسير ذاك الإرتباط التاريخي بهذه الأراضي وبمواردها الطبيعية والباطنية.
اليوم،وعلى الرغم من أن منظمة اليونسكو،صنفت مناطق سوس التاريخي،من واد تانسيفت إلى مشارف واد نون، المجال المحتضن لشجرة أرگان المباركة،صنفته ضمن التراث العالمي الإنساني لملاكها الأصليين،كما اعتبرت المنظمة أن هذه المناطق لا تعتبر نهائيا غابات وليست لها قرائن غابوية،
فعلى الرغم مما ذكر،وبعد قمة “ريو”أو قمة الأرض،التي نظمتها الأمم المتحدة بريودي جانيرو بالبرازيل ،في يونيو من سنة 1992،ومع بروز ما يسمى بتجارة “الكربون”،التي يقوم سوقها على مبدأ”من يلوث أكثر،يدفع أكتر”،ومن حيث خصصت لهذه السوق عوائد مالية تقدر قيمتها ب مئة(100)مليار دولار سنويا،مما سال لعاب الدول في الإسراع بتحفيظ ممتلكات وأراضي المناطق التي تحوي أشجار الأرگان في اسمها،ومنها الدولة المغربية التي حفظت ما يناهز خمسين مليون هكتار في ملكيتها لتظفر بهذه التعويضات،ضاربة عرض الحائط كل المواثيق الدولية وحقوق الساكنة الأصلية،لتعيش،للأسف، هذه المناطق مصادرة ثانية للأرض والممتكات.
مايحز في النفس،هو انخراط واجهات “المخزن”ومؤسسات الدولة في تحوير النقاش وفي تشويه الصراع الذي بدل أن يكون عموديا،أصبح أفقيا ،بخلق صراعات هامشية أخرى لتُنسيَ مصادرة الأراضي للمتضررين، كقانون الترحال الرعوي الذي يرعاه الحزب المعلوم،والتحفيظ الجماعي المجاني الذي انخرطت فيه الجماعات القروية،مبرزة “مزاياه” المزورة لما تبقى من السكان،بعد التهجير القسري الممنهج الممارس من قبل المستعمر ثم الدولة الحديثة بعد تأسيسها ورعايتها من طرف الحامي،في استغلال فاحش لفقرهم وجهلهم وحاجتهم في تحصين ماتفضل المخزن بتركه لهم من ممتلكات.
لم يعد الترحال الحزبي ولا الإنتماء الساسي “العروبي”يجدي،ولم يعد الدخول أفواجا في تأتيت الدكاكين السياسية له طعم ومعنى،بقدر ما ينبغي علي كل الإطارات التي تناضل من أجل استرجاع الممتلكات،وكل الفاعلين المدنيين والحقوقيين العمل على ابتكار وسائل حديثة ومجدية وناجعة للتصدي إلى كل من سولت له نفسه استباحة أراضي الأجداد وتكسير البنيات السوسيو ثقافية للقبائل وتعريب ما تبقى من البشر والشجر والحجر.
محمد جوهري
مناقشة هذا المقال