حلت لجن مركزية من المفتشية العامة للإدارة الترابية ببعض الولايات من أجل التحقيق في خروقات وتجاوزات ارتكبها ولاة، تتعلق بمنحهم رخص استثناء في مجال التعمير، استفاد منها “أباطرة” في مجال العقار، بعيدا عن التأطير القانوني الذي يتحكم في التأشير على مثل هذه الرخص. وعلمت “الصباح”، من مصدر رفيع المستوى بوزارة الداخلية، أن عبد الفتاح لبجيوي، والي جهة مراكش آسفي، الذي تجاوز سن التقاعد بكثير، وحصل على ترقية استثنائية بتنقيله من آسفي إلى مراكش، وجد نفسه في قلب العاصفة، عندما انتقلت لجنة تفتيش مركزية، الأسبوع الماضي، إلى مراكش، للتحقيق في حصول “ديناصورات” عقارية على رخص استثناء، وهو ما جعله تحت طائلة المساءلة الإدارية من قبل المفتشية العامة لوزارة الداخلية. ويتوقع المصدر نفسه أن تطيح التحقيقات والأبحاث التي تقوم بها لجنة التحقيق المركزية، بالوالي لبجيوي الذي يعاب عليه أنه لا يحسن الحديث بالفرنسية في مدينة سياحية عالمية. وليس لبجيوي الوالي الوحيد الذي تلطخت يداه بالتوقيع على رخص الاستثناء، التي حولت فقراء إلى أغنياء، بل ورد اسم السعيد زنيبر، والي جهة فاس مكناس، القادم من وزارة الإسكان والتعمير، والذي لم يفلح في مهامه الترابية بشهادة أبناء الوزارة التي ينتظر أن تعرف تغييرات كبيرة في القريب من الأيام. وتوجد العديد من طلبات رخص الاستثناء فوق مكتب محمد مهيدية، والي جهة الرباط سلا القنيطرة، غير أنه لم يؤشر عليها بعد، تماما كما هو الشأن بالنسبة إلى الوالي محمد اليعقوبي الذي يرفض الإمضاء على رخص الاستثناء منذ أزيد من سنتين، بعدما كان سلفه محمد حصاد، بمعية الكاتب العام للولاية الذي ألحق بكراج الداخلية قد حطما الرقم القياسي في منح رخص الاستثناءات المتعلقة بإقامة عمارات شاهقة استفاد منها بعض تجار “الذهب الأخضر”. وكشفت الأبحاث الأولية التي أنجزها مفتشون تورط ولاة في منح رخص استثناء لأراض فلاحية اقتناها “أباطرة العقار” بـ 20 درهما للمتر المربع، وأصبحت اليوم تسوق بسعر “خيالي” يصل إلى عشرة آلاف درهم، في ضواحي العديد من المدن كالبيضاء ومراكش وأكادير وطنجة. وأمام حجم الخروقات التي وقفت عليها لجن التفتيش التي تولت البحث والتحقيق في كيفية حصول شركات عقارية ومنعشين كبار على رخص الاستثناء، لم تستبعد مصادر “الصباح” أن تصدر الحكومة مشروع مرسوم يهدف إلى تعديل بعض مقتضيات المرسوم الصادر لتطبيق القانون رقم 12.90. ويهدف المشروع إلى قطع الطريق على بعض الولاة الذين يبالغون في استعمال سلطتهم التقديرية في منح رخص الاستثناء والتوقيع عليها، أو رفضها لاعتبارات لم تعد خافية على أحد. ومن المنتظر، بعد الانتهاء من التحقيقات، أن تتخذ وزارة الداخلية جملة تدابير للحد من ظاهرة الاستثناءات في ميدان التعمير، ومعالجة “بيروقراطية” رخص الاستثناء، وما يرافقها من رشاو كبيرة أصبح يعلم بها العام والخاص.