دأب المغرب على تخليد ذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب في الرابع عشر من شهر غشت، وذلك منذ سنة 1979، و تشكل ذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب إلى حظيرة الوطن الأم مناسبة لاستحضار محطة تاريخية كبرى في ملحمة الوحدة وتكريس لمسار تنموي متواصل امتد على مدى 38 سنة.
ماذا حدث قبل 14 غشت؟
في الرابع عشر من شهر نونبر من سنة 1975 وقعت كل من إسبانيا والمغرب وموريتانيا في مدريد اتفاقا ثلاثيا يمهد لخروج إسبانيا من الصحراء وتقسيمها بين المغرب وموريتانيا (الساقية الحمراء للمغرب ووادي الذهب لموريتانيا).
وبعد سنوات من توقيع اتفاق مدريد، سارت الأمور في غير ما يشتهيه المغرب، ووقع انقلاب في موريتانيا في العاشر من شهر يوليوز من سنة 1978، أطاح بالرئيس الموريتاني المختار ولد داداه الذي كان يعتبر حليفا للمغرب، ليصبح بعد ذلك قائد أركان الجيش الموريتاني المصطفى بن محمد السالك رئيسا للبلاد، وقرر حكام نواكشوط الجدد آنذاك التنصل من الالتزامات التي وقعت عليها موريتانيا في مدريد.
فبعد صراع عسكري مرير مع جبهة البوليساريو، قرر قادة موريتانيا الجدد الدخول في مصالحة مع الجبهة، وهو ما التقطه زعماء البوليساريو وسارعوا إلى إعلان هدنة من جانب واحد مع موريتانيا.
ودخلت الجزائر على الخط وقامت برعاية مفاوضات بين الجبهة الانفصالية وموريتانيا في الثالث والرابع من شهر غشت من سنة 1979، ووقع الجانبان اتفاق سلام يعلن رسميا عن انسحاب موريتانيا من اتفاقية مدريد، وأمر صناع القرار في نواكشوط بعد هذا الاتفاق قواتهم العسكرية بالانسحاب من إقليم وادي الذهب وتركه لميليشيات البوليساريو.
الحسن الثاني يفشل خطة الجزائر والبوليساريو
وأمام هذا الوضع الجديد الذي فرض على أرض الواقع كان لزاما على المغرب التحرك سريعا، وهو ما قام به الحسن الثاني، حيث وجه أوامره للقوات المسلحة الملكية، بالدخول إلى إقليم وادي الذهب وإفشال مخطط البوليساريو وحليفتها الجزائر، وقبل أن يجف حبر الاتفاقية الموقعة بين موريتانيا والبوليساريو كان الجيش المغربي ينتشر فعلا في إقليم وادي الذهب.
وفي الرابع عشر من غشت من سنة 1979 قام عدد من علماء وشيوخ إقليم وادي الذهب بزيارة العاصمة الرباط، من أجل تقديم البيعة للملك الراحل الحسن لثاني.
بعد ستة أيام من ذلك أصدرت وزارة الداخلية المرسوم رقم 2.79.659 والقاضي بإنشاء عمالة وادي الذهب، وفي الرابع من شهر مارس من سنة 1980 توجه الملك الراحل الحسن الثاني إلى مدينة الداخلة عاصمة الإقليم، وتم تنظيم حفل الولاء الذي يقام بمناسبة ذكرى عيد العرش بالمدينة، في خطوة أراد من ورائها المغرب بعث رسائل تحمل عدة دلالات لجبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر.