دور مغاربة العالم في دعم قضية الصحراء المغربية: فرصة غير مستغلة بالكامل.
بقلم محمد البكراوي البزبوي
في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية الأخيرة، سلط الملك محمد السادس الضوء على تحول استراتيجي في معالجة قضية الصحراء المغربية. دعا جلالته إلى الانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير، مؤكداً على أهمية التحرك الاستباقي بدلاً من الاكتفاء بردود الفعل. شدد الملك على ضرورة استخدام كافة الوسائل المتاحة لدعم موقف المغرب في نزاع الصحراء، وهو ما يفتح الباب أمام استغلال قدرات مغاربة العالم كوسيلة فعالة في هذا الإطار.
رغم أن الملك لم يشر مباشرة إلى مغاربة العالم في خطابه، إلا أن هذا التوجه يدعو إلى ضرورة استغلال كل الوسائل لدعم القضية الوطنية. في هذا السياق، يمكن اعتبار مغاربة العالم أحد أهم الموارد غير المستغلة بالكامل. يعيش أكثر من خمسة ملايين مغربي خارج حدود الوطن، وهم يمثلون جسراً حيوياً بين المغرب والدول التي يقيمون فيها. من خلال نشاطاتهم في المجالات الاقتصادية، والسياسية، والإعلامية، يمكن أن يلعبوا دورًا استراتيجيًا في تعزيز الموقف المغربي في قضية الصحراء.
على الرغم من الإمكانيات الهائلة التي يمثلها مغاربة العالم، فإن هناك تحديات تعيق استثمار هذه القوة الدبلوماسية. من أبرز هذه التحديات ضعف التنسيق بين الجاليات المغربية ومؤسسات الدولة. يعاني العديد من مغاربة العالم من غياب التوجيه والتأطير الكافي الذي يساعدهم على لعب دور فعال في دعم القضية الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، يفتقر الكثيرون إلى الدعم القانوني والدبلوماسي اللازم لمواجهة التحديات الدولية التي تواجههم أثناء الدفاع عن حقوق المغرب التاريخية في الصحراء.
لتفعيل دور مغاربة العالم في هذا السياق، يتطلب الأمر تعزيز التنسيق بين الجاليات المغربية والمؤسسات الوطنية. يجب على الدولة أن توفر لهم الدعم اللوجستي والمعنوي، بالإضافة إلى التكوين السياسي والحقوقي، حتى يتمكنوا من توظيف إمكانياتهم بشكل أفضل. على المؤسسات المعنية توفير الأدوات والوسائل التي تتيح لمغاربة العالم المساهمة بشكل فعال في تعزيز الموقف المغربي على الساحة الدولية.
في ظل التطورات الدولية المتسارعة والدعم المتزايد من نوعها بعض القوى الكبرى لموقف المغرب في نزاع الصحراء، يجب على المغرب أن يتبنى إستراتيجية أكثر شمولية تسهم في إشراك كافة الفاعلين. مغاربة العالم يمثلون رافعة قوية لدبلوماسية المغرب إذا تم استغلالهم بشكل صحيح، وذلك من خلال تعزيز الحوار بين الدولة والجاليات المغربية وتوجيه دعم أكبر لمشاركتهم في الدفاع عن قضية الوحدة الترابية.
ختاماً، تبقى قضية الصحراء المغربية محورًا أساسيًا في السياسة الخارجية المغربية. وإذا كان المغرب قد تمكن من تحقيق نجاحات دبلوماسية مهمة، فإن استثمار مغاربة العالم يمكن أن يفتح أفاقاً جديدة لتعزيز هذا النجاح وتحقيق المزيد من الانتصارات الدبلوماسية في المستقبل.