يشكل الشباب نصف المجتمع المغربي، الامر الذي يجعل منه الفئة العمرية الاكثر دينامية ونشاطا في منظومة التنمية. و من تمَّ فان اي رهان كيفما كان نوعه ونواياه لن يحقق اهدافه دون أن يكون قد وضع في صلب برامجه هذه الفئة (المغلوب على امرها) وجعلها في قلب تصور “رأسماله”، والحال أنَّ المراهنة على الربح الصافي ومراكمة الرأسمال فقط امراً غير مرغوب فيه، و غير كاف اذا لم يضع في الاعتبار إدماج الشباب في مختلف الاستثمارات “الرأسمالية”.
بذلك فان الشباب أيضا – في الواقع – فئة عمرية و حالة اجتماعية خاصَّة غير مصنفة تعيش تفاوتات طبقية بين مختلف عناصرها إنطلاقا من اختلاف البيئة الأسرية ، الامر الذي يستوجب من الحكومة مراعاة هذا المعطى وباقي المعطيات التي بمقدورها اختراق مختلف الفئات الاجتماعية بمستوياتها الماكرو- اقتصادية.
فمنذ إعلان صاحب الجلالة عن إحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا لمواجهة التداعيات الاقتصادية المحتملة على البلاد فبدأت المساهمات التضامنيَّة تصب في هذا الحساب من مختلف الجهات إلى أن ناهزت المبالغ المحصورة فيه اليوم حوالي 22 مليار درهم حسب آخر الارقام التي اعلنت عنها وكالة المغرب العربي للأنباء…
مباشرة بعد ذلك باشرت لجنة اليقظة الاقتصادية في سن إجراءات حقيقية لتنزيل الاهداف التي من اجلها تم ارساء الصندوق. كانت أول هذه التدابير الاعلان عن استفادة جميع المأجورين المصرح بهم في صندوق الضمان الاجتماعي في فبراير الماضي من تعويض شهري ثابت صافي قدره 2.000 درهم اضافة الى تعويضات عائلية متعلقة ب AMO. اضافة الى إجرائيين اخرين متعلقين بدعم الأسر العاملة بالقطاع غير المهيكل وبالخصوص المسجلين و غير مسجلين في خدمة الراميد.
لكن يبقى السؤال المشروع الذي يفرض نفسه فرضاً في هذا الاطار هو: أليس للشباب العاطل نصيب من أموال صندوق كورونا؟
كان واجباً على الدولة أن تبرهن – اكثر من اي وقت مضى- أن الشباب موجودٌ فعلاً في صلب النموذج التنموي الجديد وتبين حسن نواياه نحو فئة اجتماعيَّة ، وتبين بالملموس ان رهان التنمية الحقيقي يتأسس على الاهتمام بهذه الفئة الاجتماعية الهشة التي جعل منها الظرفية العصيبة اكثر الفئات الاجتماعية هشاشة ، واستغلال الوضع الحالي الذي فرضته جائحة “كورونا” فرصة للتصالح بشكل ملموس مع شباب يراهن عليه المغرب لبناء نموذج تنموي حقيقي يضمن لهم عيشا كريما …!
مناقشة هذا المقال