يا ناس نتكلم عن الصهيونية وليس عن اليهودية
من المعروف أن ماركس ( وهو بالمناسبة من أصل يهودي ) في كتابه ” المسألة اليهودية” كتب ضد وطن لليهود في أي مكان في العالم قيه شعب وقال أن” توطين شعب هو تشريد لشعب آخر ” وكان كتابه موجه ضد عدد من الكتابات التي تدعو إلى توطين اليهود في تناغم مع أواخر الموجة الاستعمارية الأولى وبداية الثانية. وكان ماركس يقول أن مصير اليهود في أوطانهم التي ولدوا فيها وعاشوا فيها .
بعد هذا ترعرعت الصهيونية وأصبحت شكلا من أشكال الاستعمار وعملت ولا تزال على تشريد الشعب الفلسطيني وفصله عن أرضه وزيتونه ومزروعاته وحشره في مخيمات داخل فلسطين أو في الدول المجاورة وتأكد كلام ماركس في الواقع ولم يخطر في باله آنذاك أن أولاءك اليهود المبعثرون في أروبا والعالم الاسلامي ستظهر منهم منظمة صهيونية عالمية في مؤتمر بازل في 1897 أي 14 سنة بعد وفاته .
وقد عملت هذه المنظمة في ترابط مع الدول الاستعمارية على تغيير الكثير من العلاقات التي تربط اليهود بعضهم بعضا ومن العلاقات التي تربط علاقاتهم بالأوطان التي يقطنونها ويعيشون فيها ، ولما أصبح لهم وطن في 1948 بقرار للأمم المتحدة أسبحت المنظمة الصهيونية العالمية اليد الطولى للدولة الجديدة في تشريد الشعب الفلسطيني وتنفيذ مخططات الدول الامبريالية .
كلما وصلنا إلى مرحلة يعيش فيها الاستعمار الصهيوني عزلة دولية ومعها الادارة الامريكية تظهر أصوات تنبش في تاريخ اليهود الذين كانوا يعيشون في الدول العربية والاسلامية من اضطهاد ، في محاولة للقول على أن الصهاينة الحاليين هم اليهود أيام زمان وهذا خطا كبير .
لا شك أن اليهود في المغرب مثلا كانوا يعيشون ظروفا من التمييز في المجتمع المغربي ولكن لا يجب أن يغيب عن بالنا أننا نتكلم عن مجتمع لا ديمقراطية فيه وأن اليهود فيه كانوا في وضع اقتصادي أحسن من وضع جل المغاربة الذين نالهم من المخزنية ما يفوق بكثير ما كان يصيب اليهود ، لقد كان منهم موظفون كبار للمخزن ، وكانوا يسيطرون على شريان التجارة الداخلية وعلى جزء كبير من التجارة الخارجية ، أما ما يعتبر تمييزا فقد كان إزاء عدد كبير من مكونات المجتمع مثل ، السود ، الأمازيغ ، اليهود ، بعض القبائل الأقل تطرا من الناحية الاقتصادية لأن المجتمع كان مجتمعا عبوديا تخترقه بدايات الاقطاعية المتطورة .
قليلا من الموضوعية ، إن اليهود الذين كانوا يعيشون في أوروبا وكان منهم الجزء الأكبر دعاة للحرية والكرامة ، واليهود الذين كانوا يعيشون في المجتمعات العربية وكان منهم التجار الكبار وفلاسفة وساسة انقلب إلى شئ آخر مستعمر لشعب آخر مرتبط بالامبريالية . وأي يهودي لا يقف مع شعب تحت الاحتلال وضد الاستعمار، فإنه يكون قد يهوديته الحقيقية وأصبح استعماريا وعنصريا وهناك فرق جوهري بينهما. اليزيد البركة
مناقشة هذا المقال