بقلم رضوان التجاني.
رواية التائهون (Les désorientés) لأمين معلوف التي صدرت سنة 2012 تحكي من خلال لقاءات و مذكرات الشخصية الرئيسية “آدم” (مؤرخ، 47 سنة و مقيم في فرنسا) و حواراته و نقاشاته مع أصدقائه و صديقاته، عن وضع لبنان و اللبنانيين و تأثره بالحرب الأهلية التي دامت 15 سنة منذ 1975 (يتعلق الأمر بلبنان و لو أن الكاتب لم يذكر اسم لبنان في أية صفحة من صفحات الرواية ال526). تبدأ الرواية، في ربيع 2001، باضطرار آدم للسفر إلى لبنان بعد 25 سنة من هجرته إلى فرنسا بعد اندلاع الحرب، بطلب من صديق سابق (مراد) و هو على فراش الموت و الذي سيغادر الحياة قبل وصوله.
تتوالى أحداث الرواية على مدى 16 يوما، المدة التي قضاها آدم في لبنان و هو يحاول، بطلب من أرملة الراحل و صديقته، تنظيم لقاء يجتمع فيه الأصدقاء و الصديقات الذين كونوا في بداية السبعينيات مجموعة/شلة. كانت هذه المجموعة من ديانات مختلفة و من أوساط اجتماعية مختلفة يلتقون بشكل دائم في مرحلة الدراسة الجامعية تجمعهم الصداقة و الروح اليسارية، لكن مع بداية الحرب تفرقت بهم السبل في التفاعل مع الحرب و مع صيرورة الحياة. فهناك من هاجر و من انخرط في الحرب و من اغتنى بالحرب و وصل إلى مناصب مهمة في السلطة و من اختار الإسلام السياسي و من اختار الزهد الديني و …
نتعرف على هؤلاء الأصدقاء و على مساراتهم و توجهاتهم و مواقفهم و إنجازاتهم و خيباتهم و قلقهم (مراد و تانيا و سميراميس و ألبير و نعيم و رامز و رمزي و بلال و أخيه نضال) و في خضم ذلك تثار نقاشات حول قضايا كبيرة تهم فلسفات الحياة و صراع الانتماءات و الطوائف في المنطقة و المشاريع السياسية الكبرى التي تحكم العالم و الصراع مع اسرائيل و حقيقة الثورات و العلاقة بالدين و العلاقة بين الرجل و المرأة و …
الأكيد أن الرواية ليست فقط تلك القضايا و الأفكار بل كذلك و بشكل رئيسي تلك القدرة في بناء الشخصيات و تخيل العوالم و الأحداث و أسلوب الحكي الذي يشد القارئ بالإضافة إلى الرصيد المعرفي الكبير لأمين معلوف و الذي يغني رواياته.
أكتفي بهذا القدر لتقريبكم/كن من الرواية و لم لا تحفيزكم/كن على قراءاتها.
قراءة ممتعة مع تحياتي
مناقشة هذا المقال