أثار صدور التقرير حول النموذج التنموي العديد من المواقف بعضها غريب مثل ذلك الذي إعتبر أن التقرير ينبغي أن يخضع إلى إستفتاء شعبي.
و مثل آخر الذي قرر أن التقرير رؤية مخزنية جديدة لمستقبل المغرب في أفق 2035 و هناك من دعا إلى مقاومته و إسقاطه و القول أننا لسنا في حاجة إلى نموذج تنموي قبل أن نتفق على نموذج نهضوي (هذه الآراء تم التعبير عنها في صفحة اليسار)
و الحقيقة تقال أن كل هذه المواقف تثير الإستغراب و تطرح سؤالا عريضا :هل نحن المغاربة نستحق هذا العرض بعد أن توفر لدينا العلم بمواصفاته و طريقة إنجازه بل و أيضا طبيعة النخبة التي ساهمت في نقاشه و صياغته.
إن الأمور كانت واضحة منذ البداية و لا مجال للتلاعب و التضليل فليس من شيم المناضلين التقدميين ممارسة هذه اللعبة و لنرتب الأمور حتى لا يجهل عنا جاهل.
أولا :كانت هناك قراءة قامت بها الدولة مشخصة في الملك طيلة ولايته منذ سنة 1999 ، خلاصات هذه القراءة للأوضاع السياسية أعطت مجموعة من الإنتقادات و الأفكار ،و قد تضمنتها الخطب الملكية التي شكلت أرضية إنطلاق لمشروع النموذج التنموي.
إن الأعطاب التي وقف عندها التشخيص الملكي و بعض الإشارات التي توحي بتصوره للنموذج التنموي أعطت في النهاية إعلان الملك و إقراره بفشل النموذج الذي نهجه المغرب و عدم قدرته على تحقيق الإقلاع الإقتصادي من خلال طرح السؤال العميق أين الثروة؟؟؟؟
ثانيا : بعد هذا التأكيد على أن هناك رؤية ملكية إتخدت شكل مبادرة من خلال تشكيل لجنة للقيام بهذه المهمة (مهمة إنجاز تصور حول النموذج التنموي) و قد روعي فيها تقريبا نفس الأسلوب و طريقة إشتغال اللجنة التي أعدت الدستور.
أما أعضاء هذه اللجنة فلا يمكن لعاقل أن يقلل من كفائتهم و موضوعيتهم ووعيهم بأن حصيلتهم هي ليست فقط محط إهتمام وطني بل دولي لأن الهدف هو التوصل إلى نموذج تنموي قد يلخص الذكاء المغربي le génie marocain من خلال تميزه و فرادته و جدته
لكن أهم ما نريد قوله في هذه الورقة السريعة و هو أمر لم يستوعبه البعض أن التقرير حول النموذج التنموي أراد مبدعه و مبدعوه تمكين النخبة السياسية من مرجعية تعوض عن الخصاص الملموس في تصور و برامج الأحزاب السياسية.
فهو بشكل أو بآخر سوف يساهم في تأهيل الحقل السياسي الذي يعيش تعثرا واضحا بسبب فقذان الأحزاب لنخب و كفاءات قوية.
مناقشة هذا المقال