أنهى المغرب رسميا زمن نظام التدبير المفوض للخدمات توزيع الماء والكهرباء وتطهير السائل الذي امتد العمل لسنوات طويلة وسط احتكاره من طرف شركات أجنبية، ويأتي هذا القرار في أعقاب دخول القانون 83-21 المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات لتوزيع الماء والكهرباء، حيز التطبيق في أعقاب صدروه في العدد الأخير من الجريدة الرسمية.
ونصت المادة من القانون على إحداث شركات على صعيد كل جهة وبمبادرة من الدولة، شركة مساهمة تحمل اسم:
“الشركات الجهوية متعددة الخدمات” بما يسمح بالتقائية تدخل مختلف الأطراف المعنية بمجال التوزيع، ووضع هذه الشركات رهن إشارة الجماعات كطرق حديثة من طرق تدبير مرفق التوزيع باعتباره من اختصاصتها الذاتية، والحفاظ على مبدأ تعدد الخدمات لما يسمح به من الرفع من مستوى نجاعة الاستثمارات، وكذلك توفير موارد هامة لتمويلها.
وبدخول القانون الجديد الذي أعدته وزارة الداخلية، سيتم إنهاء زمن التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء وتطهير السائل، الذي تهيمن عليه شركات أجنبية، ولا سيما الشركات الفرنسية، إضافة إلى أن هذه الشركات ستحل محل المكتب الوطني للكهرباء والماء والصالح للشرب، والوكالات المستقلة.
وتخضع لأحكام هذا القانون ولأحكام القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة ولنظامها الأساسي ويشار إليها في هذ القانون باسم “الشركة” ويتمثل غرض الشركة الرئيسي في تدبير مرفق توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل والإنارة العمومية عند الاقتضاء أو تتبع تدبير هذا المرفق في الحالة المنصوص عليها في المادة 10 من هذا القانون، وذلك في حدود مجالها الترابي بناء على عقد التدبير المبرمة مع صاحب المرفق.
وتؤهل الشركة للقيام بجميع الأنشطة والعمليات الصناعية والتجارية والعقارية والمالية ذات الصلة بغرضها الرئيسي كما يمكن أن تؤهل بموجب عقد التدبير لتحصيل الرسوم أو الأتاوي أو الأموال أو المساهمات أو الفواتير لصاحب المرفق أو الدولة لحسابها الخاص حسب الحالة. وتطبق أحكام هذه الفقرة من هذه المادة بشكل تدريجي في الجهات المحددة قائمتها بمرسوم يتخذ من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.
أكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أن القانون 83-21 المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات لتوزيع الماء والكهرباء، يهدف إلى ايجاد حلول للإشكاليات المطروحة والمرتبطة بعملية توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء وتطهير السائل، خاصة في ظل تعدد المتدخلين وتعدد الطرق التي تدبر بها الجماعات هذا القطاع.
ويرى لفتيت أن الطرق المعتمدة حاليا لم تثبت نجاعتها وأنه تم إعداد تصور يقلل أكبر عدد ممكن من الاشكاليات التي تطرحها طرق التدبير الحالية، مشددا على أن أثمنة الماء والكهرباء تدخل في نطاق الأثمنة المحددة لذا لن يكون للشركة الحق للتدخل في تحديد الثمن.
وفيما يتعلق بالملاحظات المتعلقة بالاختصاص، أوضح وزير الداخلية أن اختصاص تدبير الماء الصالح للشرب والكهرباء وتطهير السائل اختصاص حصري للجماعات و لايمكن لأي جهة القيام بهذا الاختصاص دون تفويض من الجماعات بذلك، لافتا إلى أن القانون التنظيمي واضح في هذا الجانب كما أكد على أن مبدأ التدبير الحر مبدأ دستوري ولا يمكن تجاوزه ولانقاش في ذلك.
وفي ذات السياق أوضح لفتيت أن القانون يتيح امكانية إحداث شركات الهدف منها تدبير مرفق توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل والإنارة العمومية عند الاقتضاء بموجب عقد تدبير مفوض من خلاله الجماعة المعنية للشركة في حدود مجالها الترابية القيام بذلك، مؤكدا أنه لا يمكن لأي كان أن يرفض على الجماعة تفويض هذا الاختصاص للشركة.
وحسب وزير الداخلية فإن الشركة سيفوض لها فقط تدبير القطاع وفق عقد تبرمه معها الجماعة أو مجموعة الجماعات يخول لهذه الأخيرة مراقبة الشركة وتتبع العقد وإعادة دراسته ومراجعته مؤكدا أن الهدف الأساسي يكمن في ايجاد أحسن طريقة من أجل تقديم أحسن خدمة للمواطنات والمواطنين مع العمل على ايجاد مستثمرين نظرا لحاجة القطاع الملحة لاستثمارات هامة.
وبخصوص مآل المكتب الوطني للماء والكهرباء، أوضح لفتيت أن موضوع مشروع القانون يتعلق بعملية التوزيع التي تدخل ضمن اختصاص الجماعات، وأن عمل المكتب لا يرتبط فقط بالتوزيع.وفيما يتعلق بالمستخدمين، سجل الوزير الأهمية التي يحظى بها الرأسمال البشري الذي يشتغل بالقطاع، مؤكدا أن الرأسمال الحقيقي للشركات لا يمكن التفريط فيه.
ويروم مشروع القانون وضع آلية تدبير ملائمة في شكل شركات جهوية متعددة الخدمات تشكل إطارا مؤسساتيا لتظافر جميع المتدخلين في سبيل الرفع من مستوى تدبير هذه المرافق الحيوية.
وتستفيد الشركة، وفق القانون، لأجل إنجاز غرضها من حق الارتفاق المنصوص عليه في التشريع الجاري به العمل فيما يخص منشآت وقنوات توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل، ومن حق نزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت لأملاك الخواص طبقا للتشريع الجاري به العمل.كما تستفيد الشركة من جميع الحقوق والامتيازات الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل لفائدة المستثمرين أو منعشي المشاريع الصناعية.
وبالرغم من جميع الأحكام المخالفة، يمكن لصاحب المرفق، وفق مشروع القانون، أن يعهد، عن طريق الاتفاق المباشر، إلى الشركة بتدبير المرفق. ويبرم عقد التدبير مع الشركة لمدة محددة قابلة للتجديد. وتراعي عند تحديد مدة العقد طبيعة المهام المسندة للشركة واهتلاك الاستثمارات المزمع إنجازها.
ويشير القانون إلى إحداث الشركة تمثيليات للقرب على الأقل على مستوى كل عمالة أو إقليم يدخل ضمن مجالها الترابي، تتوفر على الوسائل والصلاحيات الضرورية لضمان جودة خدمات القرب الموكولة إلى الشركة بمقتضى عقد التدبير، بما في ذلك تتبع العقود التي قد تبرمها الشركة مع الأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون.
وتنقل، بموجب هذا القانون، إلى الجماعات المشمولة بعقد التدبير، العقارات والمنقولات التابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والمخصصة حصريا للمرفق الذي تدبره الشركة. وتعفى من جميع الضرائب والرسوم والواجبات ومن وجيبات المحافظة العقارية عمليات نقل العقارات والمنقولات المنجزة تطبيقا لأحكام هذه المادة.
ويضيف القانون أن الشركة تتولى تدبير المرافق موضوع عقد التدبير والتي كان معهودا بها إلى المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب وإلى الوكالات المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء قبل تاريخ دخول العقد حيز التنفيذ، وابتداء من التاريخ المذكور تنتهي تلقائيا مهام المكتب والوكالات السالفة الذكر في تدبير المرافق.
وينقل إلى الشركة ابتداء من دخول عقد التدبير حيز التنفيذ، المستخدمون التابعون للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب وللوكالات المستقلة التوزيع الماء والكهرباء والعاملون بالمرافق المعهود بتدبيرها إلى الشركة. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون الوضعية التي يخولها النظام الأساسي الخاص بالشركة لفائدة المستخدمين المنقولين أقل فائدة من الوضعية التي كانت للمعنيين بالأمر في تاريخ نقلهم، ولا سيما فيما يخص الأجور والتعويضات والمكافآت المتعلقة بالوضعية النظامية والتغطية الصحية ونظام الاحتياط الاجتماعي.
مناقشة هذا المقال