بقلم ذ/ الحسين بكار السباعي.
يتم تسويق مصطلحات من قبل جبهة البوليساريو وصنيعتها الجزائر ومن بقي ممن اصطفوا الى جانها ، مثل مصطلح ” الصحراء الغربية “و “المناطق المحررة” و”الساكنة خارج او داخل المنطقة المتنازع عليها” ” ناهيك عن الخط الوهمي الخرائطي الذي كان يفصل وسط المغرب عن صحرائه الى حدود الكويرة لتفاجئ الولايات المتحدة الأمريكية العالم ،
في التقرير السنوي الصادر عن وزارة خارجيتها، حول الاتجار في البشر ،بتشر خريطة المغرب كاملة ، بعدم وضع أي خط فاصل وسط الخريطة على غرار ما كانت تفعله واشنطن في تقارير ما قبل الاعتراف بالسيادة على الصحراء ، وهو أمر يرى فيه الكثير من محللي السياسة الخارحية للبيت الابيض على انه تأكيد للموقف الامريكي الثابت بسيادة المغرب على صحرائه .
نرى ان ترويج مثل المصطلحات المشار اليها اعلاه ، هو وليد خلفية سياسية ، رسمت خيوطها الجزائر مند توليتها لعبد العزيز المراكشي ، والدفع بخيار دولة وهمية على أراضيها ، لتجعل منها ذلك الحجر الموضوع في حداء المغرب ، يحول دون نمائه وتطور، غير أنه سرعان ما انقلب السحر على الساحر فما حققه المغرب في صحرائه من تنمية لم تستطع تحقيقه الجزائر حتى في كبريات مدنها .
فمصطلح “المناطق المحررة ” لا وجود له في تقارير مجلس الامن ، بل هي مناطق وضعت رهن اشارة قوات المينورسو كمجال لتحركها خارج الحزام الأمني لتسهيل عملية مراقبة وقف اطلاق النار طبقا لاتفاق 1991، لكنه امام توالي استفزازات البوليساريو ، وخاصة بعد عملية الكركرات الثانية، قام المغرب بتمديد حزامه الامني لكلمترات في انتظار الحسم في ترسيم حدوده مع الجزائر، وهو الامر الذي اثار قلق جنرالات قصر المرادية ووضع حدا لاحلامهم في الحصول على منفد بحري مطل على المحيط الاطلسي .
إن استعمال المصطلحات المذكورة هو فعل متعمد يقوم على عدم الدراية بحقيقة ملف الصحراء المغربية ، من قبل العديد من الجهات التي سقطت في فخ الدعوة الى التجزأة والانفصال دون الاستناد الى الشرعية الدولية وإقصاء من المنتظر منهم تصحيح المفاهيم بل اعادة النظر في من يجب التفاوض معه مباشرة كطرف رئيس مسؤول عن النزاع وتصحيح عملية المفاوضات برمتها .
و أمام طول مدة ملف الصحراء المغربية ،أصبح الصراع مع الجزائر من خلال واجتها البوليساريو يأخد صور مختلفة ومناحي متعددة بعضها اعلامي والبعض الآخر دبلوماسي ضخت فيه اموال ضخمة من عائدات النفط والغاز .
ونجد أن أخطر صراع هو صراع المصطلحات ،سواء المرتبطة بالمكان أو بالتاريخ الذي يثم استغلاله وتسويقه ليصبح حقيقة ثابتة رغم أنه خلاف ذلك سواء كان مصطلحا لغويا أو قانونيا أو مكانيا أو علميا أو سياسيا وهو أخطر المصطلحات من حيث القصد أو الاستعمال .
مصطلح المسألة الشرقية ، الذي جرى إطلاقه وتداوله والبناء عليه من قبل مجموعة من الدول الغربية ، لتغطية وتأمين مصالحها والهادف من حيث التوظيف الى تحقق غايته في تقسيم المناطق ، التي كانت خاضعة للإمبراطورية العثمانية إلى دويلات وإمارات تحث سيطرة الدول الاستعمارية الغربية . لينتهى تداول مصطلح “المسألة الشرقية” وظهر للوجود مصطلحات جديدة مثل : الانتداب، والوصاية، والشرق الأدنى والشرق الأوسط، والشرق الأقصى ، ولتستمر معه حرب المصطلحات بشدة ابنان فترة الحرب الباردة .
فميلاد مصطلح وتوظيفه بشكل متكرر مدة من الزمن سوف يتحول بلا شك الى حقيقة .
إن مصطلح الصحراء ( الغربية )المغربية دون منازع طبعا ، استطاعت جبهة البوليساريو تكريسه على اكثر من صعيد ، والخطير أننا أصبحنا نسمع هذا المصطلح ( واتمنى ان يكون عن طريق الخطأ ) في بعض وسائل إعلامنا الوطني ، فضلا على تداوله في بعض الكتابات والابحاث الجامعية .
و يجب التعامل مع هذا المصطلح بحذر شديد ،فاستعماله من شانه ان يوحي بوجود فعلي لكيان هو في الأصل مصطنع فنجعل منه حقيقة .
إن أخطر شيئ في السياسة هو صنع كذبة أو وهم وبعد ذلك الدفاع على أنه حقيقة قائمة رغم صوريتها.
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.
مناقشة هذا المقال