بقلم إيمان زاوي موقع نفس.
أعاد ظهور البؤرة الوبائية لفيروس كورونا في معمل لتصبير السمك بآسفي، إلى الواجهة، إشكالية حماية النساء العاملات في الضيعات الفلاحية والوحدات الإنتاجية والصناعية، ومدى تمتيعهن بحقوقهن داخل أماكن العمل، خصوصا وأن وحدات انتاجية تشغل نساء في وضعية هشاشة اجتماعية.
وفي هذا السياق، قالت النائبة البرلمانية عن المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، فاطمة الزهراء برصات، إن البؤر الوبائية التي تم رصدها مؤخرا في ظل جائحة “كورونا”، عرت من جديد عن واقع هشاشة الأوضاع التي تشتغل فيها النساء العاملات علما أنهن يعملن في القطاعات والأوساط الأكثر هشاشة بشكل عام، مضيفة أنهم يجدن أنفسهن ضحايا الفقر والهشاشة وغياب المساواة وتكافؤ الفرص.
واعتبرت النائبة البرلمانية، في حديث لجريدة “نفس” الالكترونية، أن ما يقع اليوم هو جزء من واقع مرير تعاني منه النساء داخل فضاءات الشغل والذي يطبعه غياب المراقبة القانونية لمدى التزام أرباب العمل بمدونة الشغل، مشيرة إلى وجود فارق كبير بين الترسانة القانونية والواقع، بالرغم من مضي أزيد من 15 سنة من إصدار الإطار القانوني الذي يكرس مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في فضاء الشغل والذي يمنع مختلف أشكال التمييز تماشيا مع المعايير الدولية الخاصة بحقوق المرأة والإنسان.
وترى برصات، أنه من الضرورري مراجعة الترسانة القانونية وتعديل مجموعة من المقتضيات التي أبان الواقع على قصورها خصوصا وأن عدد منها لا يتم تطبيقه، لافتة الانتباه إلى أن الخطط والبرامج المتخذة لا تعطي نتائج ملموسة بسبب غياب تطبيق حقيقي للقانون على أرض الواقع، وتهاون القطاعات الحكومية الوصية في المراقبة لرصد مدى تطبيق بنود قوانين الشغل فيما يخص حقوق العاملات والعمال.
وتعاني عدد من العاملات بالوحدات الصناعية والانتاجية، تضيف الفاعلة السياسية، من الاشتغال في ظروف حاطة بالكرامة الإنسانية سواء من داخل فضاءات الشغل أو خلال ظروف النقل، وكذا عدم المساواة في الأجور وهزالتها بالمقارنة مع قيمة العمل التي تؤديه النساء، مشددة على أن ذلك راجع بالأساس إلى اشتغالهن دون التوفر على عقد عمل يضمن حقوقهن خلال مطالبة أرباب العمل بتطبيق مدونة الشغل، واستدركت أن هناك عدد من المقاولات المواطنة التي تحترم حقوق الإنسان وتمكن العملات والعمال من حقوقهم.
وأشارت المتحدثة ذاتها، إلى أن حزب التقدم والاشتراكية، سواء من خلال المجموعة النيابية أو من خلال بلاغات المكتب السياسي، نبه إلى أنه مع استئناف تحريك العجلة الاقتصادية ، إلى ضرورة تشديد المراقبة واتخاذ كل الاجراءات الاحترازية اللازمة لحماية العاملات والعمال لتجنب الوقوع في فخ بؤر وبائية داخل الوحدات الصناعية والانتاجية.
وعن الأطراف المسؤولية عن واقع النساء العاملات، توضح النائبة البرلمانية، أن المسؤولية تتقاسمها عدة أطراف بما في ذلك أرباب العمل والحكومة، مؤكدة على ضرورة تحمل الحكومة مسؤوليتها ما دام الأمر يتعلق بحماية المواطنات والمواطنين خصوصا وأن التوجيهات الملكية تصب لصالح حماية الإنسان على حساب الاقتصاد.
وتابعت برصات “بعد هذا المجهود الكبير الذي انخرطت فيه مختلف المؤسسات والمواطنات والمواطنين لإنجاح الحجر الصحي والحد من انتشار الوباء، لا يمكن السماح لجهات معينة سواء وحدات إنتاجية متهاونة في اتخاذ الإجراءات الاحترازية، أو سلطات لا تمارس مسؤوليتها في المراقبة أن تضرب عرض الحائط كل المجهودات المبذولة”، مردفة أنه على القطاعات الوصية الحرص على وضع وسائل المراقبة اللازمة داخل فضاءات العمل التي تمكن من حماية النساء العاملات وزجر أرباب العمل غير الملتزمين باتخاذ التدابير وتحميلهم مسؤولية تبعات انتشار الوباء في البلاد.
وشددت الفاعلة، على ضرورة التفكير في معالجة حقيقية للترسانة القانونية المتعلقة بحماية النساء العاملات خاصة والعمال بصفة عامة في أوساط العمل، حتى ما بعد جائحة “كورونا”، ووضع تقييم موضوعي للوقوف على الهفوات التي تتضمنها مدونة الشغل، مبرزة أن الجهود المبذولة لحد اليوم تبقى محدودة وبالتالي وجب تكثيفها والعمل على القيام بمجموعة من التدابير لاستدراك الفراغ التشريعي.
وكانت وزارة الصحة، قد أعلنت عن انفجار بؤرة صناعية بمعمل لتصبير السمك، خلال الأسبوع المنصرم، مما أدى إلى ارتفاع الحالات المصابة بفيروس كورونا بالمملكة إلى عدد قياسي، إذ تبع ذلك إخضاع إقليم آسفي إلى إجراءات الحجر الصحي ووضع حواجز على جميع مداخل و مخارج أحياء المدينة للتحكم في انتشار الوباء.
مناقشة هذا المقال