يعد التعليم في المغرب مؤسسة قديمة، وقد اعتبر الحكام والملوك المغاربة أن من أهم واجباتهم عبر التاريخ إنشاء المدارس وصيانتها والسهر على سيرها. وعلى عكس ما يعتقد البعض، فإن المغاربة اهتموا بالعلم وبالتحصيل العلمي لأبنائهم منذ غابر الأزمان، فقد أسسوا الجامعات والرباطات العلمية والمدارس والكتاتيب في المداشر والقرى والدروب والأزقة والأحياء القديمة في المدن وحتى تحت خيام القرى الرعوية، مما يدل على اهتمامهم البالغ بالعلم وبالمعرفة.
وبالتالي لا يمكن أن تُترك اليوم قضية استراتيجية كالتعليم لقرارات فردية، ولا يمكن تحديد مصير أبناء المغاربة ببلاغات إخبارية فردية. ولا يمكن أن يُترك مستقبل الشعب لقرارات وزير، لا نعرف انتمائه السياسي ولا نعرف أفكاره ولم يصوت عليه الناس في الانتخابات.. وما يسمى بالتعليم عن بعد، لا يمكن إطلاقا أن يعوض التعليم الحضوري، التعليم عن بعد يمكن أن يكون مكملا ليس إلا. فالمبرر الذي وجدت من أجله المدرسة أصلا عبر التاريخ البشري، هو أن تصهر الصغار والكبار من طلاب وأساتذة في بوتقة خلاقة للتعلم، وتغرس في نفوس الشباب حب الحياة والرغبة في النهل مما فيها من سحر وحيوية، وبالتالي لا يمكن أن تُختزل هذه المؤسسة الحيوية في مجرد لوحات إلكترونية…
فالجميع ملزم اليوم بتحمل مسؤوليته التاريخية، ويجب ألا يُترك مصير التعليم في يد جماعة صغيرة لها غايات في نفس يعقوب..
أحمد الخنبوبي استاذ جامعي.
مناقشة هذا المقال