افتتاح فعاليات “الدور” للشرفاء الرجارجة احتفاء بموسم مميز يتنقل عبر 44 محطة

متابعة محمد بوخريص
في أجواء ربيعية رائقة وأكثر من رائعة، وبنفحات دينية تنتشي بعبق تاريخها الممتد لعشرات القرون، انطلقت، يوم الجمعة 11 أبريل الجاري، فعاليات موسم الشرفاء الرجراجة المعروفة ب (الدور).
ينتمي الرجارجة الى اتحاد قبائل مصمودة الأمازيغية الأكبر في المغرب، وقد لعبوا دورا مهما واساسيا في تاريخ المغرب الكبير وشمال أفريقيا وجنوب المغرب .
يعتقد أن أصل الحدث يبدأ من قصة سبعة رجال شدوا الرحال من المغرب نحو المشرق العربي، حيث قاموا بزيارة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة، فأعلنوا إسلامهم بين يديه، ثم عادوا إلى ديارهم مكلفين بنشر الدين الجديد في منطقتهم التي كانت تدين حينها بالمسيحية. وقد كان الدور من جملة ما اتبعوه في منهجيتهم لنشر الدعوة الإسلامية، ليحافظوا بذلك على تماسكهم، حيث كان الدور عبارة عن تزاور وصلة للرحم بينهم.
يعتبر ” الدور” أو موسم رجراجة مناسبة سنوية مميزة تجمع بين الإشعاع الروحي، الرواج التجاري، والاحتفاء بالغنى والتنوع التراثي والفني للمنطقة، حيث تعرف مختلف مراحل الدور وعبر أربعة و أربعين محطة،مع نصب الخيام للتنافس في تلاوة القران الكريم وصدح الحناجر بالأذكار والأمداح النبوية، وينتعش خلاله النشاط الاقتصادي والتجارة الموسمية عبر العديد من الأسواق القروية، كما يشهد تظاهرات فنية وثقافة وترفيهية تتنافس فيها الفرق الفلكلورية لتقديم عروض تراثية تشنف الاسماع لتنتشي معها أفواج الزوار من سليلي الشرفاء الرجارجة، وأبناء المنطقة المغتربين والسياح الذين يحجون من كل حدب وصب ، من داخل وخارج المغرب .
أعطيت انطلاقة فعاليات ” الدور” من مقر زاوية ابن حميدة، بحضور عامل إقليم الصويرة السيد عادل المالكي مرفوقا بحشد كبير المسؤولين والمنتخبين والاعيان، يتقدمهم نقيب زوايا رجراجة، وعدد من الفعاليات الى جانب وسائل الاعلام المحلية والوطنية.
يعتبر موسم رجراجة من أكبر وأقدم واطول المواسم بالمغرب إذ يستمر على مدى أكثر من 40 يوما موزعة على 44 محطة بمختلف زوايا الطائفة الرجراجية بقبائل الشياظمة الشمالية والجنوبية وجزء من قبائل عبدة، مرورا بالصويرة المدينة، ومحطة واحدة بقبائل حاحا حيت تجوب الخيمة الرجراجية المباركة العديد من المحطات عبر مختلف ربوع الشياظمة والتي يتوافد عليها المغاربة من كل حدب وصوب للتبرك بالشرفاء، ولصلة الرحم وقراءة القران والاذكار في جو روحاني صرف.
يبادر الزوار بالتكرم على الطائفة الرجراجية بما يسمى “الزيارة” أو “الفتوح” وتتمثل في مبالغ مالية او عينية، منها ما يوضع في صندوق يتخذ مكانه تحت العمود الأوسط للخيمة، حيث يجلس مقدمي الزوايا الرجراجية، كما تقدم الذبائح من الابقار والاغنام كنوع من التبرك والتبرع، وتتميز هذه الظاهرة بالتنافس على اقتناء بعض ما يطلق عليه محليا ب ” الباروك” من قبيل قوابل السكر او غيره، والتي يعرف مزايدات وتنافسا قويا بين الحاضرين ليتضاعف ثمنه الأصلي مئات المرات، وذلك للظفر ببركة الشرفاء والتباهي بها امام الاغيار.
وقد شهد نفس اليوم زيارة الوفد الرسمي لزاوية سيدي علي بوعلي التي تبعد عن بئركوات بحوالي 7 كلومترات، حيث أقيمت صلاة الجمعة وتم ذبح ثورين سيرا على عادات السلف، في ظل توافد العديد من الزوار الذين قدموا من كل أنحاء الوطن ومن خارجه والذين استمتعوا بالأجواء الجميلة حيت نصبت الخيام وازدهرت التجارة على طول جنبات الضريح المتواجد قرب عين ماء تطفئ ظمأ العطشان.
هذا وخلال حفل افتتاح فعاليات دور ركراكة، رفعت أكف الضراعة بالدعاء الصالح للملك محمد السادس، بحضور أحفاد الشرفاء الرجارجة. ليتوجه بعدها الوفد نحو منطقة تلمست زاوية (سيدي عبد الجليل). الذي اعطى انطلاقة فعاليات التبوريدة برئاسة السيد العامل والتي شهدت تنافسا قويا بين من السربات والفرسان الاكفاء، لتمتزج رائحة البارود بأريج ما جادت به ارض الشرفاء من ورود شكلت غطاء سندسيا يسر الناظرين بفضل الغيث الذي تهاطل على المنطقة خلال الشهر الماضي بعد سنوات عجاف، لبدو فضاء “الدور” في أبهى حلله ممتشقا حلة زاهية ساهمت في إنجاح الموسم الديني واقتصادي المقام بمعقل قبائل الشياظمة والممتد على مدار 44 محطة تكون ختامها بعد شهر ونصف بحد الدرى.
*سنخصص ضمن عدد شهر ماي القادم من مجلة صحراء التواصل ملفا حصريا عن موسم “الدور” الشرفاء الرجارجة، وقبائل الشياظمة.