يتابع منتدى الكرامة لحقوق الإنسان بانشغال شديد الوضعية الحقوقية ببلادنا، مع مختلف الإجراءات المعلن عنها بموازاة حالة الطوارئ الصحية المتعلقة بمحاربة انتشار فيروس كورونا المستجد COVID-19، واستحضارا للبلاغ السابق للمنتدى بتاريخ: 15 مارس 2020 والمعبر من خلاله عن دعم كل جهود الوقاية من فيروس كورونا، وبعد تأكيد المنتدى على استمرار انخراطه ومناضليه في كل الجهود الوطنية المبذولة للحد من خطر هذه الجائحة على الأمة، وعلى حياة المواطنين، وفي إطار احترام القانون والحقوق المكفولة دستوريا، وبسط الرقابة على ما يمكن أن يطالها من تجاوزات، فإن منتدى الكرامة لحقوق الإنسان يؤكد ويعلن للرأي العام الوطني ما يلي:
1_ يعبر عن قلقه الكبير للحالة الوبائية ببعض السجون ببلادنا، والتخوف من تداعيات ما يعرفه بعضها من تسرب لفيروس كورونا المستجد بين بعض الموظفين والسجناء (وارزازات، القصر الكبير، طنجة …)، ويدعو المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى العمل على توفير أقصى درجات الحماية الصحية للموظفين والنزلاء الموضوعين تحت مسؤوليتها، وإلى المزيد من اعتماد الشفافية الكاملة في الإعلان عن حالات الإصابة، والإجراءات المتخذة للحماية والعلاج، والحد من انتشار الوباء.
كما أن المنتدى بهذه المناسبة يعيد التنبيه إلى الوضعية المزرية التي تعرفها بعض السجون جراء الاكتظاظ الكبير، ويدعو بإلحاح إلى التخفيف من هذا الاكتظاظ، عن طريق إطلاق سراح المعتقلين الاحتياطيين والمودعين في السجن، والذين يناهز عددهم ما يقارب أربعين ألفا، وذلك عبر تمتيعهم بالإفراج المؤقت مع وضعهم تحت المراقبة القضائية، وهو تدبير يسهل توفيره في الظروف الحالية.
2_ لقد تلقى المنتدى بأسى كبير خبر وفاة شاب قاصر
(17 سنة) بالجديدة، موضوع تحت تدابير الحراسة النظرية لخرقه حالة الطوارئ الصحية، حسب ما أعلنت عنه المديرية العامة للأمن الوطني، وعليه فإن المنتدى يدعو إلى فتح تحقيق قضائي من طرف قضاء التحقيق المختص، للوقوف على دواعي تدابير الحراسة النظرية، وأسباب الوفاة، وعن الحالة الصحية للمعني أثناء إيقافه، وترتيب الجزاءات القانونية عند ثبوت أي تقصير أو تجاوز.
كما أن المنتدى بهذه المناسبة وبعد وقوفه على الأرقام الرسمية المعلنة لحالات الإيقاف والمتابعات وقرارات الإيداع في السجن أو الاعتقال الاحتياطي، التي بلغت عشرات الآلاف، بالارتكاز على المرسوم بقانون رقم: 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بالطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، يدعو إلى اعتماد مقاربة حقوقية حمائية، وسياسة جنائية تتجنب المزيد من الاكتظاظ بالسجون، مع ما يؤدي له من تجميع الموضوعين تحت تدابير الحراسة النظرية في سيارات الأمن أو في مراكز الاحتجاز، وما يشكل ذلك من تهديد لصحتهم وصحة الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، وخطر على الصحة العامة.
3_ وفي إطار مدارسة المنتدى للإجراءات المعلن عنها من قبل وزارة العدل المتعلقة بالتقاضي عن بعد في القضايا الزجرية، وبعد وقوفه على مواقف مختلف الأطراف المعنية من دفاع وكتابة ضبط، فإنه ينبه إلى غياب الأساس القانوني والإجراءات المسطرية المنظمة لانعقاد جلسات محاكمة بدون الحضور المادي للمتهم كمعني أول بها، وحقه الكامل في إحضار وسائل الإثبات بما في ذلك الشهود، أو المواجهة مع شهود الخصم، كما يسجل المنتدى أيضا ما يستتبع ذلك من عدم تخابر المتهمين مع محاميهم، وحقهم الكامل في أن تنال قضاياهم حيزا من المناقشة أمام هيئة الحكم بشكل حضوري وعلني، وأنه بهذه المناسبة يجدد تأكيده ودعوته إلى الحد من تضخم ظاهرة الاعتقال الاحتياطي وإطلاق سراح من لم يصدر في حقه مقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، وإعمال مقتضيات المراقبة القضائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وهو ما من شأنه أن يجعل المحاكمات تنعقد في ظروف طبيعية عبر تمكين الأظناء والمتهمين الموضوعين تحت تدابير المراقبة القضائية من التخابر مع محاميهم وحضور جلسات محاكمتهم أو تأخيرها إلى ما بعد رفع حالة الطوارئ الصحية.
4_ يعبر المنتدى عن مفاجأته واستغرابه الشديد لمضامين بعض الفقرات المسربة من مسودة أولية لمشروع القانون رقم: 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، والتي تضمنت مقترحات لمقتضيات زجرية مفرطة في التشدد، وتتنافى مع الحق في حرية الرأي والتعبير والنشر المكفولة دستوريا، فضلا عن أنها تتعارض مع مقتضيات القانون رقم: 89.13 المتعلق بالصحافة والنشر، وهو الواجب التطبيق في هاته الحالات، وإن المنتدى يدعو الحكومة إلى التراجع عن مناقشة هذا القانون في هاته الظروف التي تعرفها بلادنا، والتراجع عن هذا المنطق في التجريم والعقاب.
5_ استنكار المنتدى لاستمرار حملات التشهير بالأشخاص وإقحام الحياة الخاصة للعديد من النشطاء الحقوقيين والفاعلين السياسيين والمدنيين من قبل بعض ”المواقع الإخبارية” التي أصبحت متخصصة في الاستهداف والتشهير، وإن المنتدى مرة أخرى ينبه إلى خطورة هذا المنحى (الإعلامي) التخريبي، ويدعو الواقفين وراءه إلى احترام الحياة الخاصة والتقيد بأخلاقيات الإعلام والصحافة.
6_ تجديد المنتدى لدعواته لإيجاد الصيغة المناسبة الكفيلة بإنهاء كل الملفات الحقوقية العالقة بإطلاق سراح معتقلي حراك الحسيمة وجميع الصحافيين المعتقلين.
7_ يدعو المنتدى الحكومة المغربية إلى العمل على ترحيل جميع المغاربة العالقين بالخارج والذين اضطرتهم ظروف إغلاق الحدود وتوقيف حركة الملاحة إلى البقاء خارج أرض الوطن، وذلك في أسرع وقت ممكن وفي ظروف تحمي صحتهم والصحة العامة.
8_ وفي الأخير فإن منتدى الكرامة لحقوق الإنسان يؤكد انخراطه ودعمه لكل جهود حماية حياة وصحة المواطنين ودفع الخطر عن الصحة العامة للأمة، ويدعو السلطات العمومية وهي تباشر عملها بمناسبة الطوارئ الصحية إلى الحرص على احترام القانون والتقيد بمبادئ حقوق الإنسان وصون كرامة المواطنين.
الرباط في: 28 أبريل 2020
المكتب التنفيذي
مناقشة هذا المقال