لا يمكن لأي شخص عاقل أن لا يأخذ بعين الإعتبار نتائج الإنتخابات الأخيرة وما كان قبلها، وبناء عليه فإني أعلن انسحابي من الحركة الأمازيغية واستقالتي من أي إطار أنتمي إليه، وكذلك إنسحابي من جميع القضايا المتعلقة بالأرض أو بقية المخططات التي اعتدت الحديث عنها، ومنذ هذا اليوم فأنا في حل من صفة مناضل أو فاعل في المجتمع المدني أو غيرها من الصفات..
لقد حاولنا بكل ما نملك وبكل ما نستطيع وأحيانا كثيرة فوق طاقتنا وقدراتنا تغيير الأمور لكن للأسف لم ننجح وكان الأمر أشبه بحلقة سيزيف المفرغة.. لم يعد هناك ما يمكننا قوله أو القيام به لتغيير أي شئ كان..
برأيي لقد حسمت الأمور للعشر سنوات المقبلة على الأقل ولا يمكن أن نستمر في مصارعة طواحين الهواء أو أن نكون سيزيفيين إلى ما لا نهاية..
أحيي بحرارة كل المناضلات والمناضلين الذين قاسمونا محطات ولحظات تاريخية وعصيبة، وكل من قاسمونا الكلمة الحرة والموقف الحر الشجاع في وقته، وكل من ضحوا معنا وإلى جانبنا وساهموا معنا في إنجاح مبادرات تاريخية، وأخيرا كل المواطنين والمناضلين الذين قاسمونا حملة التصويت العقابي..
وأعتذر إن كنت قد قسوت على من خالفونا التوجه والموقف والرأي والإنتماء.. فلا شئ شخصي وتلك قواعد الإختلاف والخلاف حول مكمن مصلحة الشعب والوطن.. ولكننا لم نظلم أحد يوما ولم نقل بحق أي كان أي كلام دون دليل ولم ندخل أبدا في الحياة الخاصة للناس..
وأعتذر لكل من لا زال لديه بعض الأمل في التغيير لأنني لم أعد أقاسم أحدا ذلك الأمل في التغيير الذي انتظرناه وسعينا وراءه سنة بعد أخرى ولكن للأسف ما ينفك كل شئ يتدهور مع مرور الوقت بدل أن يتطور نحو الأحسن..
وبه نختتم مسارنا النضالي داخل الحركة الأمازيغية الذي لم نسعى فيه طوال ثلاثة وعشرون عاما لمنصب أو مال أو تملقنا أحدا بل على العكس بذلنا كل شئ في سبيل التغيير.. وكان خندقنا دوما مع المظلومين والمستضعفين والقضايا العادلة ولم نتردد أبدا في الجهر بكلمة الحق التي لم تنينا عن الجهر بها المؤامرات الصغيرة والإغراءات والتهديدات والقمع والإعتقال كذلك.. سلكنا دوما مسارا لم يسبق لأحد أن حقق فيه ربحا شخصيا بل على العكس تماما مسار كله تضحيات من الحركة التلاميذية الأمازيغية إلى منظمة تماينوت وجمعية أفرا وتنسيقية الجنوب للفعاليات والجمعيات الأمازيغية إلى الحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعة إلى الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي إلى منظمة إزرفان إلى المؤتمر الدولي للشباب الأمازيغية ثم حركة شباب عشرين فبراير وبعدها تأسيس حركة تاوادا التي كنت من بادر إليها وبعدها مسيرة يودا والتجمع العالمي الأمازيغي وجبهة الرباط للتضامن مع حراك ومعتقلي الريف وجمعية صوت المرأة الأمازيغية ومجموعة العمل الامازيغي بالرباط والعمل الصحافي الأمازيغي لخمس سنوات وسنوات قضيتها بدون إنتماء لأي إطار.. بموازاة وقفات ومسيرات احتجاجية بالرباط ومراكش وأكادير وتيزنيت وغيرها وأنشطة وندوات واجتماعات وهلم جرا.. مسار مرهق وطويل..
والآن ليس لدي أي خطط لما بعد لأن كل خططي كانت مع مجموعة من المناضلين منحصرة في السبل التي سنسلكها ميدانيا وافتراضيا لإسترداد حقوق أهلنا ولكن للأسف نتائج الإنتخابات الحالية قضت على كل ذلك..
ولمن اختاروا الخندق الخاطئ ووقفوا ضدنا أو تبنوا موقف الصمت نقول.. قضايا وحقوق الناس على أعناقكم وتتحملون مسؤولية خذلان الحق بصمتكم أو نصرة الباطل بمواقفكم..
وبالتأكيد لست مصابا بأي نوع من الإحباط أو اليأس فأنا لا أخذ الأمور مأخذا شخصيا وأمضي مرتاحا تماما لقيامي بواجبي دوما وفق ما أراه في الصالح العام وفي صالح القضايا التي آمنت بها وقد لا يكون ذلك كذلك لدى البعض.. ولكن من احتكروا الحكم والثروة والسلطة احتكروا اليوم حتى السياسة والعمل الجمعوية والفن واشتروا الصحافة والانتخابات ولم يتركوا لنا أي منفذ لنأمل في السعي لأي تغيير من خلاله..
مع تحياتي للأصدقاء والخصوم ومتمنياتي الصادقة بالتوفيق للجميع.. وتهاني لكل من فازوا في الإنتخابات..
مناقشة هذا المقال