شتان بين الأمس واليوم ،حيث كانت الإشارات العقائدية والتتابعية والتكنيزية والإيحائية والأثرية، التي وضعتها الحضارات المتعاقبة عبر آلاف السنين بجانب المسالك الجبلية تكتسي أهمية حيوية وقدسية بالغة في وجود ووجدان ساكنة الاطلس الصغير بجبل الكست وغيره من القمم من “إخف إفيلو” و”إخف إفيس” مرورا بتيارت و”أنسيس” و”تونين” و”تنكما” و”أفا نتمزكادوين” و”تودما “وغيرها.. ، حيث نحت وشق أجدادنا في صخورها الصلبة ممرات للبهائم تسمى “تابغليت” وممرات للراجلين تدعى “تارجلين” كانت بمثابة شريان الحياة لمنطقة تافراوت وقبائل أملن ،وطرقا للتجارة ونقل البضائع من وإلى المنطقة ومسالكا للهجرة سلكها وإلى الأمس القريب، أي بداية القرن 19، أجيال وأجيال من المسافرين، ستظل تلك المسالك شاهدة على نبوغ الإنسان المحلي وبراعته وعلى غنى جبالنا تاريخا وثراتا.
وعليه ،وفي غياب الوعي الجمعي بهذا الموروث الطبيعي وتعرضه للإهمال شانه شان التراث المبني والمكتوب، وهو ما يعرضه للنسيان ولشتى أنواع الحيف والتدمير ، وبالرغم من محاولات التعريف والتثمين التي باشرها ثلة من الغيورين ، فإن هذا المجال يشهد مستجدا خطيرا يفقده رمزيته كإرث مشترك ،وهو محاولة البعض احتكار مسالك جبل الكست وتقنين الحق في ولوجها وفرض كيفية استغلالها . تستمد هذه الجهة الغريبة عن المنطقة سلطتها من مجرد توفرها على “بطاقة ما” ، منحتها إياها “جهة ما”، ومن كونها نظمت يوما ما ، “حملة لجمع الازبال !!!” في أحد احد الأودية .
تقوم هذه الجهة المندسة بتحركاتها ضدا على رغبة أهل المنطقة وذي الحقوق التاريخية المخول لهم التداول والتشاور والتقرير في طرق تدبير هذا الموروث الطبيعي “فضاءات الكست” والحفاظ عليه .
بقلم مولاي المصطفى النقراوي
مناقشة هذا المقال